للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معنى ذلك، وأن النبي صلى الله عليه وسلم صعد الصفا يريد الإسماع؛ ولذلك شرع للمؤذن صعود السطوح والمواضع المرتفعة؛ ليكون أقوى لصوته، وأسمع له (١).

فعلى الداعية أن يعتني بهذه الوسيلة عند الحاجة إليها.

ثامنا: اختيار الداعية الوقت المناسب للمدعوين: لا شك أنه ينبغي للداعية أن يختار الأوقات المناسبة للمدعوين، حتى يستطيع بتوفيق الله تعالى- أن يؤثر عليهم؛ ولهذا اختار النبي صلى الله عليه وسلم وقت الصباح حينما بدأ بإنذار قريش؛ لكون هذا الوقت أنسب لهم، وأسمع لصوته (٢).

فينبغي للداعية أن يتحرى أوقات الفراغ والنشاط والحاجة عند المدعوين؛ ولهذا قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة في الأيام كراهة السآمة علينا» (٣) والمعنى كان صلى الله عليه وسلم يراعي الأوقات في تذكيرهم (٤).

تاسعا: من وسائل الدعوة: التأليف بالمال: لا شك أن التأليف بالمال من وسائل الدعوة إلى الله تعالى، وقد أشار إليه هذا الحديث في قوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله عنها: " سليني من مالي ما شئت " قال العيني رحمه الله: " فيه أن الائتلاف للمسلمين وغيرهم بالمال جائز وفي الكافر آكد " (٥) فينبغي للداعية أن يكون كالطبيب الذي يشخص المرض أولا، ثم يعطي العلاج على حسب نوع المرض، فإذا علم الداعية أن المدعو بحاجة إلى التأليف بالمال أعطاه؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتني بهذه الوسيلة عناية فائقة حتى قال: «إني أعطي الرجل وغيره أحب إلي منه، خشية أن يكبَّ في النار على وجهه» (٦)


(١) انظر: عارضة الأحوذي بشرح سنن الترمذي لابن العربي، ٦/ ٢٧٠، وفتح الباري لابن حجر، ٨/ ٥٠٢.
(٢) انظر: عارضة الأحوذي، بشرح سنن الترمذي، لابن العربي، ٦/ ٢٧٠.
(٣) البخاري، كتاب العلم، باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولهم بالموعظة والعلم كي لا ينفروا، ١/ ٢٩، برقم ٦٨.
(٤) انظر: فتح الباري لابن حجر، ١/ ١٦٢.
(٥) عمدة القاري ١٤/ ٤٨.
(٦) متفق عليه من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: البخاري، كتاب الإيمان، باب إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة ١/ ١٥، رقم ٢٧، ومسلم، كتاب الإيمان، باب تأليف قلب من يخاف على إيمانه لضعفه ١/ ١٣٢، برقم ١٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>