للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بشراكين، فقال: هذا شيء كنت أصبته، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: " شراك أو شراكان من نار» (١).

ويدخل في الغلول ما يؤخذ من بيت مال المسلمين عن طريق الخفية، وما يأخذه العمال من هدايا من أجل وظائفهم، فعن أبي حميد الساعدي قال: «استعمل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - عاملا (٢) فجاء العامل حين فرغ من عمله فقال: يا رسول الله هذا لكم، وهذا أهدي إليّ فقال له: " أفلا قعدت في بيت أبيك وأمك فنظرت أيهدى لك أم لا؟ " ثم قام رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - عشيةً بعد الصلاة، فتشهد وأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: " أما بعد فما بال العامل نستعمله، فيأتينا فيقول: هذا من عملكم وهذا أهدي لي، أفلا قعد في بيت أبيه وأمه فنظر هل يُهدى له أم لا؟ فوالذي نفس محمد بيده لا يغلُّ أحدكم منها شيئا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه، إن كان بعيرا جاء به له رغاء، وإن كانت بقرة جاء بها لها خوار، وإن كانت شاة جاء بها تيعرُ (٣) فقد بلغت» [وفي رواية مسلم: «اللهم هل بلغت؟ " مرتين»] (٤).

والغلول من أعظم الذنوب ولو كان يسيرا، فعن زيد بن خالد الجهني - رضي الله عنه - «أن رجلا من أصحاب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - توفي يوم خيبر فذكروا ذلك لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - فقال: " صلوا على صاحبكم " فتغيرت وجوه الناس لذلك، فقال: " إن صاحبكم غل في سبيل الله " ففتشنا متاعه فوجدنا فيه خرزا من خرز يهود لا يساوي درهمين» (٥).


(١) متفق عليه: البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة خيبر، ٥/ ٩٥، برقم ٤٢٣٤، ومسلم، كتاب الإيمان، باب غلظِ تحريم الغلول وأنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون، ١/ ١٠٨، برقم ١١٥، واللفظ الذي بين المعكوفين للبخاري.
(٢) هو ابن اللتبية استعمله على الصدقة. انظر: صحيح مسلم، برقم ١٨٣٢.
(٣) تيعر: معناه: تصيح، واليُعار صوت الشاة. انظر: شرح النووي على صحيح مسلم ١٢/ ٤٦١.
(٤) متفق عليه: البخاري، ٧/ ٢٧٨، برقم ٦٦٣٦، ومسلم، ٣/ ١٤٦٣، برقم ١٨٣٢، وما بين المعكوفين له، وتقدم تخريجه في الحديث رقم ٤، آخر الدرس الرابع، ص ٦٩.
(٥) أبو داود، كتاب الجهاد، باب في تعظيم الغلول، ٣/ ٦٨، برقم ٢٧١٠، والنسائي، كتاب الجنائز، باب الصلاة على من غل، ٤/ ٦٤، برقم ١٩٥٩، وموطأ مالك، كتاب الجهاد، باب ما جاء في الغلول، ٢/ ٤٥٨، وابن ماجه، كتاب الجهاد، باب الغلول، ٢/ ٩٥٠، برقم ٢٨٤٨، وأحمد في مسنده، ٤/ ١١٤، ٥/ ٩٢، وقال الشيخ عبد القادر الأرنؤوط في تحقيقه لجامع الأصول، ٢/ ٧٢١: " إسناده عند مالك وابن ماجه صحيح ".

<<  <  ج: ص:  >  >>