للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا يؤكد أن ما يقتنيه الإنسان للآخرة ويدخر ثوابه عند الله عزّ وجلّ هو الذي ينفعه حقيقة، وهذا لا يتحقق إلا بالزهد في الدنيا. (١).

ثانيا: لا ينكر أن يغيب عن الداعية بعض العلم: إن الداعية أو العالم العظيم قد يغيب عنه بعض العلم ويعلمه غيره، وهذا يدل على أن علم البشر محدود، ويكمل بعضهم بعضا؛ ولهذا خفي على عليّ رضي الله عنه وفاطمة الزهراء رضي الله عنها قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا نورث ما تركنا صدقة» قال الإمام القرطبي رحمه الله: "فأما طلب فاطمة ميراثها من أبيها من أبي بكر، فكان ذلك قبل أن تسمع الحديث الذي دل على خصوصية النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وكانت متمسكة بما في كتاب الله من ذلك، فلما أخبرها أبو بكر بالحديث توقفت عن ذلك ولم تعد عليه بطلب" (٢) وقال العيني رحمه الله: "قيل: إن فاطمة رضي الله عنه لم تكن علمت هذا" (٣) وهذا لا ينقص من قدرها ولا من علمها وفضلها رضي الله عنها (٤).

ثالثا: من وسائل الدعوة: المنبر: لاشك أن من الوسائل المهمة التي تعين على إيصال العلم للناس استخدام المنبر في الخطب، وفي المواعظ التي يحضرها جموع من الناس؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يستخدم هذه الوسيلة، ثم استخدمها أصحابه رضي الله عنهم من بعده، ومن ذلك ما ثبت في هذا الحديث من قول عائشة رضي الله عنها: «فلما صلى أبو بكر الظهر رقي على المنبر فتشهد» وهذا يؤكد أهمية هذه الوسيلة (٥).

رابعا: من آداب الخطيب: البدء بالشهادتين بعد الحمدلة والثناء على الله عزّ وجلّ: لا ريب أن من الآداب التي ينبغي أن يعتني بها الداعية البدء في خطبه،


(١) انظر: الحديث رقم ٢، الدرس الأول، ورقم ١٥، الدرس الأول.
(٢) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، ٣/ ٥٦٣.
(٣) عمدة القاري شرح صحيح البخاري، ١٦/ ٢٢٢.
(٤) انظر: الحديث رقم ٧٧، الدرس الرابع عشر.
(٥) انظر: الحديث رقم ٧، الدرس السابع.

<<  <  ج: ص:  >  >>