للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سابعا: من أساليب الدعوة: الحوار: الحوار أسلوب مهم من أساليب الدعوة إلى الله عزّ وجلّ، وقد ظهر في هذا الحديث الحوار بين أبي بكر وعلي رضي الله عنهما، واستمر الحوار بينهما حتى فاضت عينا أبي بكر رضي الله عنه، ورضي كلّ منهما على صاحبه، ثم اعتذر عليّ رضي الله عنه، وبايع أبا بكر بحضرة الناس في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يؤكد أهمية الحوار الهادف وأثره العظيم. فينبغي للداعية أن يعتني به في دعوته إلى الله عزّ وجلّ (١).

ثامنا: من صفات الداعية: الرجوع إلى الحق بدليله: الحق هو مقصد كل مسلم إذا ظهر واتضح، والرجوع إليه من أهم الصفات التي ينبغي للداعية أن يتصف بها، وقد ظهر في هذا الحديث رجوع علي بن أبي طالب رضي الله عنه للحق عندما اتضح الدليل وبان البرهان فأرسل رضي الله عنه إلى أبي بكر؛ ليأتيه فأتاه أبو بكر رضي الله عنه فدخل عليه، «فتشهد عليّ فقال: "إنّا قد عرفنا فضلك وما أعطاك الله، ولم ننفس عليك خيرا ساقه الله إليك"،» ثم قال: «موعدك العشية للبيعة»، ثم حضر رضي الله عنه، وبعد صلاة الظهر بايع أبا بكر بحضرة الصحابة رضي الله عنهم واعتذر وعظّم حق أبي بكر، فسرّ بذلك المسلمون، وقالوا: "أصبت" ومن تأمل ما دار بين أبي بكر وعليّ رضي الله عنهما عرف أن كلا منهما كان يعترف بفضل الآخر، وأن قلبيهما متفقان على الاحترام والمحبة، وإن كان الطبع البشري قد يغلب أحيانا، لكن الديانة والتقوى ترد ذلك (٢).

ينبغي للداعية أن يكون من أوّل الناس رجوعا إلى الحق إذا ظهر بدليله كما فعل علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

تاسعا: من صفات الداعية: التواضع: دل هذا الحديث على أهمية التواضع وأنه ينبغي للداعية أن يتصف به، لما في ذلك من الفوائد العظيمة؛ ولهذا تواضع أبو بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم


(١) انظر: الحديث رقم ٢٩، الدرس السادس، ورقم ٧٧، الدرس السابع.
(٢) انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم للقرطبي، ٣/ ٥٧١، وفتح الباري لابن حجر، ٧/ ٤٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>