للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذهب إلى بيت علي رضي الله عنه كما في هذا الحديث فحصل بهذا التواضع: سلامة القلوب، وطيب النفوس، واجتماع الكلمة والحمد لله، وهذا يبين أهمية التواضع والاتصاف به، وخاصة للدعاة إلى الله عزّ وجلّ (١).

عاشرا: أهمية الاعتراف بالفضل لأهله: إن من الأمور المهمة الاعتراف بالفضل لأهله وشكرهم على أعمالهم الطيبة، وقد ظهر ذلك في هذا الحديث من قول عليّ رضي الله عنه لأبي بكر الصديق رضي الله عنه: «إنّا قد عرفنا فضلك وما أعطاك الله، ولم ننفس عليك خيرا ساقه الله إليك»، وهذا يبين أن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قد أنصف، واعترف بالفضل لأبي بكر رضي الله عنه. قال الإمام القرطبي رحمه الله: "ولا يظنّ بعليّ أنه خالف الناس في البيعة، ولكنه تأخر عن الناس لمانع منعه، على الموجدة التي وجدها حين استبدّ بمثل هذا الأمر العظيم ولم ينتظر مع أنه كان أحق الناس بحضوره، وبمشورته، لكن العذر للمبايعين لأبي بكر على ذلك الاستعجال: مخافة ثوران الفتنة بين المهاجرين والأنصار، كما هو معروف في حديث السقيفة، فسابقوا الفتنة، فلم يتأتّ لهم انتظاره لذلك، وقد جرى بينهم في هذا المجلس من المحاورة، والمكالمة، والإنصاف ما يدل على معرفة بعضهم بفضل بعض، وأن قلوبهم متفقة على احترام بعضهم لبعض، ومحبة بعضهم لبعض ما يشرق به الرافضي وتشرق به قلوب أهل الدين". (٢).

فينبغي لكل مسلم الاعتراف بالفضل لأهله، وإنزال الناس منازلهم، وهذا يتأكد على الدعاة أكثر من غيرهم، والله المستعان.

الحادي عشر: من صفات الداعية الخشوع لله عز وجل: إن الخشوع لله عزّ وجلّ من الصفات التي ينبغي للداعية إلى الله عزّ وجلّ أن يتصف بها، وقد دل خشوع أبي بكر في هذا الحديث على ذلك حينما تكلم عليّ رضي الله عنه ففاضت عينا أبي بكر رضي الله عنه وقال: «والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم


(١) انظر: الحديث رقم ٦٢، الدرس الثالث.
(٢) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، ٣/ ٥٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>