للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زهده صلى الله عليه وسلم ورغبته فيما عند الله عزّ وجلّ. (١).

رابعا: من صفات الداعية: التواضع: دل الحديث على أن التواضع من الصفات الحميدة التي ينبغي للداعية أن يتصف بها؛ فقد لبس النبي صلى الله عليه وسلم الإزار الغليظ والكساء المرقع كما في هذا الحديث تواضعا صلى الله عليه وسلم (٢) وهذا يبين أن التواضع من الأخلاق الكريمة التي يحمد عليها المسلم، ويثاب عليها عند الله عزّ وجلّ، ويدخل الله عزّ وجلّ بها حبه في قلوب الناس (٣).

ولا شك أن هدي النبي صلى الله عليه وسلم في اللباس أجمل الهدي وأحسنه، فقد كان صلى الله عليه وسلم متواضعا في لباسه، ومع ذلك كان يتجمل للوفود، وفي يوم الجمعة، ويحث أمته على إظهار نعمة الله عليهم، فقد قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن الرجل يحبّ أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله جميل يحبّ الجمال، الكبر: بطر الحق (٤) وغمط (٥) الناس» (٦) وعن أبي الأحوص عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال له: «إذا آتاك الله مالا فلير أثر نعمة الله عليك» (٧) قال الإمام ابن القيم رحمه الله: " لبس الدني من الثياب يذمّ في موضع ويحمد في موضع: فيذم إذا كان شهرة وخيلاء، ويمدح إذا كان تواضعا واستكانة، كما أن لبس الرفيع من الثياب يذمّ إذا كان تكبّرا وفخرا وخيلاء، ويمدح إذا كان تجملا وإظهارا لنعمة الله " (٨).


(١) انظر: الحديث رقم ٢، الدرس الأول، ورقم ١٥ الدرس الأول.
(٢) انظر: عمدة القاري للعيني، ١٥/ ٣٢.
(٣) انظر: الحديث رقم ٦٢، الدرس الثالث.
(٤) بطر الحق: دفعه وإنكاره، ترفعا وتجبرا. شرح النووي على صحيح مسلم، ٢/ ٤٤٩.
(٥) غمط الناس: احتقارهم. المرجع السابق، ٢/ ٤٤٩.
(٦) صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب تحريم الكبر وبيانه، ١/ ٩٣، برقم ٩١، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
(٧) أبو داود، كتاب اللباس، باب غسل الثوب وفي الخلقان، ٤/ ٥١، برقم ٤٠٦٣، والنسائي، كتاب الزينة، باب ذكر ما يستحب من لبس الثياب وما يكره منها، ٨/ ١٩٦، برقم ٥٢٩٤، والحاكم وصحح إسناده ووافقه الذهبي، ٤/ ١٨١، وأحمد في المسند بلفظ: "فإن الله عزّ وجلّ إذا أنعم على عبده نعمة أحب أن ترى عليه"، ٣/ ٤٧٣ - ٤٧٤، وصححه الألباني في غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام، ص ٦٣، برقم ٧٥. وله شاهد عند الترمذي وحسنه "إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده"، ٥/ ١٢٤، برقم ٢٨١٩.
(٨) زاد المعاد، ١/ ١٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>