للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستخدم هذه الوسائل، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: «خط النبي صلى الله عليه وسلم خطا مربعا، وخط خطا في الوسط خارجا منه، وخط خطوطا صغارا إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط، وقال: "هذا الإنسان، وهذا أجله محيط به - أو قد أحاط به - وهذا الذي هو خارج أمله، وهذه الخطوط الصغار الأعراض، فإن أخطأه هذا نهشه هذا، وإن أخطأه هذا نهشه هذا» (١) وقيل: هذه صفة الخط (٢).

: وهذا يؤكد للداعية أهمية استخدام الوسائل الحسية للإيضاح والتبيين وشد الانتباه للمدعوين والله المستعان.

ثانيا: عظم محبة الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: الصحابة رضي الله عنهم كانوا يحبون النبي صلى الله عليه وسلم حبا عظيما؛ وقد بلغ بهم هذا الحب العظيم إلى أن احتفظ بعضهم ببعض ما يختص به صلى الله عليه وسلم تبركا به صلى الله عليه وسلم، فقد احتفظ أنس رضي الله عنه بنعليه، وقدحه، واحتفظت عائشة رضي الله عنها، بإزاره، وكسائه كما في الحديث، وغير ذلك كثير، كالاحتفاظ بدرعه، وخاتمه (٣) وهذا يؤكد حب الصحابة رضي الله عنهم لرسول الله أكثر من أنفسهم وأموالهم، وأولادهم ووالديهم، والناس أجمعين، فينبغي لكل مسلم أن يكون كذلك (٤).

ثالثا: من صفات الداعية: الزهد: ظهر في هذه الأحاديث زهد النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا؛ لكونه قبضه الموت وهو يلبس إزارا غليظا، وكساء ملبدا مرقعا، ويأكل في قدح من خشب النضار منصدع، قال الإمام النووي رحمه الله: "في هذه الأحاديث المذكورة في الباب ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من الزهادة في الدنيا، والإعراض عن متاعها وملاذها، وشهواتها، وفاخر لباسها، ونحوه، واجتزائه بما يحصل به أدنى التجزئة في ذلك كله، وفيه الندب للاقتداء به صلى الله عليه وسلم في هذا وغيره" (٥) وهذا يؤكد عظم


(١) البخاري، كتاب الرقاق، باب في الأمل وطوله، ٧/ ٢١٩، برقم ٦٤١٧.
(٢) انظر: فتح الباري، لابن حجر، ١١/ ٢٣٧.
(٣) انظر: منار القاري، لحمزة محمد قاسم، ٤/ ١٣٢.
(٤) انظر: الحديث رقم ٦٢، الدرس الثامن، ورقم ٦٣، الدرس الثامن.
(٥) شرح النووي على صحيح مسلم، ١٤/ ٣٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>