للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه في قصة الرجل الذي شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة ثلاث مرات في ثلاثة أيام فتابعه عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما؛ ليقتدي به فبقي معه ثلاثة أيام فلم ير عملا زائدا على عمله، ولم يقم من الليل شيئا إلا أنه إذا استيقظ من الليل وتقلب على فراشه ذكر الله عزّ وجلّ وكبره حتى يقوم لصلاة الفجر، ولم يسمعه يقول إلا خيرا، فلما مضت الثلاث ليال كاد أن يحتقر عبد الله عمل الرجل، فسأله وقال: ما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: "ما هو إلا ما رأيت غير أنى لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشا، ولا أحسد أحدا على خير أعطّاه الله إياه"، فقال عبد الله بن عمرو: هذه التي بلغت بك، وهي التي لا نطيق (١).

وهذا كله يؤكد على كل مسلم أن يسأل الله عزّ وجلّ أن يطهر قلبه من الحقد، والحسد، والبغضاء للمسلمين، وأن يطهر لسانه من قول الزور، ومن كل ما يغضب الله عزّ وجلّ، والله المستعان.

ثانيا: من موضوعات الدعوة: الحض على النصيحة بالحكمة: النصيحة لله وكتابه، ورسوله، وأئمة المسلمين، وعامتهم من أعظم القربات، وأهم الواجبات؛ ولهذه الأهمية نصح عليّ رضي الله عنه لعثمان بن عفان رضي الله عنه، كما في هذا الحديث، فأرسل إليه كتاب أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصدقة، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "ويستفاد من هذا الحديث: بذل النصيحة للأمراء، وكشف أحوال من يقع منه الفساد من أتباعهم، وللإمام التنقيب عن ذلك" (٢) وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على النصيحة بالحكمة، فعن تميم الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الدين النصيحة" قلنا: لمن يا رسول الله؛ قال: "لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم» (٣).


(١) أحمد في المسند، ٣/ ١٦٦، وإسناده جيد.
(٢) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ٦/ ٢١٥.
(٣) أخرجه مسلم، في كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة ١/ ٧٤، برقم ٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>