للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: «بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على: إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنّصح لكلّ مسلم» (١).

، والنصيحة كلمة جامعة معناها حيازة الحظ للمنصوح له، وقيل: النصيحة مأخوذة من نصح الرجل ثوبه إذا خاطه، فشبّهوا فعل الناصح فيما يتحراه من صلاح المنصوح له بما يسده من خلل الثوب، وقيل: إنها مأخوذة من نصحت العسل إذا صفيته من الشمع، شبّهوا تخليص القول من الغش بتخليص العسل من الخلط. فينبغي للمسلم أن يلمّ شعث أخيه كما يلم الخياط خرق الثوب ويخلص النصيحة لأخيه صافية كما يصفو العسل (٢) ومما يؤكد ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: «نضّر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها، وحفظها، وبلغها، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ثلاث لا يغلّ عليهن قلب مسلم: إخلاص العمل لله، ومناصحة أئمة المسلمين، ولزوم جماعتهم؛ فإن دعوتهم تحيط من ورائهم» (٣) وهذه الثلاث تستصلح بها الثوب فمن تمسك بها سلم قلبه من الحقد والحسد، والخيانة، والشحناء، ولا يبقى فيه شيء من ذلك (٤).

فينبغي لكل مسلم النصح لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم، ويحث الناس على ذلك، والله المستعان (٥).

ثالثا: من صفات الداعية: التثبت: لا شك أن التثبت في الأمور وعدم العجلة من الأمور المهمة التي ينبغي العناية بها؛ ولهذا تثبّت عثمان بن عفان رضي الله عنه - كما في هذا الحديث - فلم يعجل على عقاب سعاته ولم يعزلهم في الحال، وهذا يدل على تثبته رضي الله عنه؛ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "يحتمل أن عثمان رضي الله عنه لم يثبت عنده ما طعن به


(١) متفق عليه: البخاري، كتاب الأحكام، باب كيف يبايع الإمام الناس، ٨/ ١٥٤، برقم ٧٢٠٤، ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة، ١/ ٧٥، برقم ٥٦.
(٢) انظر: المعلم بفوائد مسلم، لأبي عبد الله محمد بن علي بن عمر المازري، ١/ ١٩٧، وشرح النووي على صحيح مسلم، ٢/ ٣٩٧، ومفتاح دار السعادة لابن القيم ١/ ٢٧٤.
(٣) الترمذي، ٥/ ٣٤، برقم ٢٦٥٨، وأحمد في المسند، ١/ ٤٣٧، وتقدم تخريجه في الحديث رقم ٦، الدرس الأول، ص ٧٤.
(٤) انظر: مفتاح دار السعادة، لابن القيم، ١/ ٢٧٧.
(٥) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، ٢/ ٣٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>