للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاجهد علي جهدك! وقال رضي الله عنه في الدفاع عن عثمان حين سأل هذا الضال: "أما عثمان فكان الله قد عفا عنه وكرهتم أن تعفوا عنه، وأما عليّ فابن عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وختنه"، ثم أخذ يذكر من محاسن علي وعثمان رضي الله عنهما حتى أفحم هذا الضال فذهب خائبا، وقال له ابن عمر رضي الله عنه: "اذهب بهذا الآن معك قال العيني رحمه الله: أي اقرن هذا العذر بالجواب حتى لا يبقى لك فيما أجبتك به حجة على ما كنت تعتقد" (١) فينبغي للداعية أن يدافع عن الصحابة رضي الله عنهم وعن أئمة الهدى من علماء أهل السنة والجماعة، ولكن بالحكمة والموعظة الحسنة، والجدال بالحسنى.

رابعا: من أساليب الدعوة: استخدام الشدة مع بعض المدعوين: الأصل في الأساليب في الدعوة إلى الله عزّ وجلّ الرفق واللين، ولكن من المدعوين من لا يجدي ولا ينفع فيه ومعه إلا الشدة والقوة؛ ولهذا استخدم عبد الله بن عمر رضي الله عنه أسلوب الشدة مع الرجل الضال الذي يطعن في علي وعثمان رضي الله عنهما، فقال: "أرغم الله بأنفك"، وقال رضي الله عنه: "قاتلنا حتى لم تكن فتنة وكان الدين لله، وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة ويكون الدين لغير الله"، وهذا فيه قوة في الأسلوب، ولكن لا يفعل ذلك إلا مع الأمن من الوقوع في المفاسد، والله المستعان (٢).

خامسا: أهمية الكف عما جرى بين الصحابة رضي الله عنهم: إن من الأمور المهمة التي ينبغي للداعية أن يعرض عنها ولا يخوض فيها ما جرى بين الصحابة رضي الله عنهم، وما حصل لبعضهم؛ لأن الكف عن ذلك مذهب أهل الحق والاعتدال (٣)؛ ولهذا قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في هذا الحديث: "أما عثمان فكان الله قد عفا عنه فكرهتم أن تعفوا عنه، وأما عليّ فابن عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم"، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مذهب أهل


(١) عمدة القاري، شرح صحيح البخاري، ١٦/ ٢٠٧.
(٢) انظر: الحديث رقم ١١٦، الدرس العاشر.
(٣) انظر: شرح العقيدة الواسطية، لابن تيمية، تأليف محمد خليل الهراس، ص ٢٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>