للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السنة والجماعة فيما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم: "ويمسكون عما شجر بين الصحابة، ويقولون إن هذه الآثار المروية في مساوئهم، منها ما هو كذب، ومنها ما قد زيد فيه ونقص، وغيّر عن وجهه، والصحيح منه هم فيه +مُعذرون، إما مجتهدون مصيبون، وإما مجتهدون مخطئون، وهم مع ذلك لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم وصغائره، بل يجوز عليهم الذنب في الجملة، ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما صدر منهلا إن وجد. . "، ثم قال رحمه الله: "هذا في الذنوب المحققة فكيف بالذنوب التي كانوا فيها مجتهدين، إن أصابوا فلهم أجران، وإن أخطأوا فلهم أجر واحد والخطأ مغفور" (١).

سادسا: من أساليب الدعوة: الجدل: إن أسلوب الجدل من الأساليب النافعة عند الحاجة إليه في الدعوة إلى الله عزّ وجلّ؛ ولهذا استخدمه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما مع الرجل الضال الذي يطعن في علي وعثمان رضي الله عنه في هذا الحديث، فسأله أولا عن عثمان وعن تخلفه، فرد عليه ابن عمر بقوله: أما فراره يوم أحد فأشهد أن الله عفا عنه، وأما تغيبه عن بدر فإنه كان تحته بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت مريضة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم. «إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه»، وسأل هذا الرجل الضال عن علي رضي الله عنه وطعن فيه فقال له عبد الله: "وأما علي فابن عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وختنه. . . " وجادله رضي الله عنه حتى أفحمه، فينبغي للداعية أن يستخدم أسلوب الجدل عند الحاجة إليه، ولكن بالحسنى (٢).

سابعا: أهمية اعتزال الفتن المضلة: ظهر في هذا الحديث أهمية اعتزال الفتن المضلة؛ ولهذا اعتزل عبد الله بن


(١) العقيدة الواسطية، لشيخ الإسلام ابن تيمية، ص ٤٣، وانظر: فضائل الصحابة للإمام أحمد بن شعيب النسائي، ص ١٥ - ٢١٧، والعواصم من القواصم في تحقيق مواقف الصحابة بعد النبي صلى الله عليه وسلم، للإمام القاضي أبي بكر بن العربي المالكي، ص ٧٧، وص ١٥٥، وص ٢٦٠.
(٢) انظر: الحديث رقم ١٢٩، الدرس الرابع.

<<  <  ج: ص:  >  >>