للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه، وأجمعوا على أنه لا تجب عليه الكفارة قبل الحنث، وعلى أنه يجوز تأخيرها عن الحنث، وعلى أنه لا يجوز تقديمها على اليمين" (١) وهذا يؤكد أهمية الحنث في اليمين إذا رأى الحالف ما هو خير، والحمد لله.

رابعا: أهمية تحصيل العلم من مصادره الأصلية مباشرة والتثبت في ذلك: العلم أعظم الكنوز التي ينعم الله بها على من يشاء من عباده، فينبغي أن يطلب من مصادره الأصلية، وسماعه من أهله مباشرة على قدر الاستطاعة، والتثبت في ذلك، وقد ثبت في هذا الحديث ما يؤكد ذلك، وذلك: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى عبد الله بن قيس ستة أبعرة؛ ليحمل عليها أصحابه، فانطلق بها إلى قومه ثم قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم يحملكم على هؤلاء ولكني والله لا أدعكم حتى ينطلق معي بعضكم إلى من سمع مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا تظنوا أني حدثتكم شيئا لم يقله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا له: إنك عندنا لمصدق ولنفعلن ما أحببت، فانطلق أبو موسى بنفر منهم حتى أتوا الذين سمعوا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: منعه إياهم ثم إعطاءهم بعد، فحدثوهم بمثل ما حدثهم به أبو موسى " وهذا يؤكد أهمية تلقي العلم عن أهله مباشرة إن أمكن ذلك (٢).

خامسا: حرص السلف الصالح على الدقة في نقل الحديث: كان السلف الصالح يحرصون على الدقة في نقل الحديث كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومما يدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: «وإني والله إن شاء الله، لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير، أو أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني»، قال الكرماني رحمه الله: "هذا شك من الراوي في تقديم: "أتيت" على "كفّرت" أو العكس، وإما تنويع من تنويع رسول الله صلى الله عليه وسلم إشارة إلى جواز تقديم الحنث وتأخيرها" (٣) وهذا يدل على حرص السلف رحمهم الله على الدقة في نقل العلم (٤).


(١) شرح النووي على صحيح مسلم، ١١/ ١١٩، وانظر: فتح الباري، لابن حجر، ٨/ ١١٢.
(٢) انظر: الحديث رقم ٧٧، الدرس الرابع.
(٣) شرح الكرماني على صحيح البخاري، ٢٣/ ٩٣.
(٤) انظر: الحديث رقم ٢١، الدرس العاشر.

<<  <  ج: ص:  >  >>