للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سادسا: من صفات الداعية: الكرم: الكرم من الصفات الحميدة، ولهذا كان أكمل الخلق في الكرم هو إمامهم وخيرهم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وقد دل هذا الحديث على شيء من كرمه؛ فإنه أعطى خمس ذود، وفي الرواية الأخرى: "ستة أبعرة"؛ ليحمل عليه عبد الله بن قيس الأشعري وأصحابه رضي الله عنهم، وهذا غيض من فيض من كرم رسول الله صلى الله عليه وسلم (١).

سابعا: أهمية الاستثناء في اليمين: كرم الله على عباده وإحسانه لا يحصى، ومن ذلك الاستثناء في اليمين بقول الحالف في قسمه "إن شاء الله" فإذا قال ذلك لا يحنث ولا يحتاج إلى كفارة، وقد ثبت في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم استثنى فقال: "إني «والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير»، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن من حلف على يمين فاستثنى فيها فلا حنث عليه ولا كفارة، ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن قصة سليمان صلى الله عليه وسلم حينما أقسم أن يطأ في ليلة واحدة مائة امرأة كل واحدة تأتي بفارس يجاهد في سبيل الله عزّ وجلّ، ولم يقل: إن شاء الله، فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة، جاءت بشق رجل، فقال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: «لو قال: إن شاء الله لم يحنث وكان دركا لحاجته» (٢) قال الإمام النووي رحمه الله في فوائد حديث قصة سليمان صلى الله عليه وسلم: "ومنها أنه إذا حلف وقال متصلا بيمينه: إن شاء الله تعالى، لم يحنث بفعل المحلوف عليه، وأن الاستثناء يمنع انعقاد اليمين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لو «قال إن شاء الله لم يحنث وكان دركا لحاجته»، ويشترط لصحة الاستثناء شرطان: أحدهما أن يقوله متصلا باليمين، والثاني أن يكون نوى قبل فراغ اليمين أن يقول: "إن شاء الله" (٣) ونقل رحمه الله: إجماع المسلمين على أن قوله: "إن شاء الله" يمنع انعقاد اليمين بشرط كونه متصلا وأن الإمام مالكا، والأوزاعي والشافعي، والجمهور، يرون أن يكون قوله:


(١) انظر: الحديث رقم ٣٥، الدرس الرابع.
(٢) متفق عليه: البخاري، برقم ٥٢٤٢، ومسلم، برقم ١٦٥٤، وتقدم تخريجه في الحديث رقم ٣٤، ص ٢٣٩.
(٣) شرح النووي على صحيح مسلم، ١١/ ١٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>