للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن شاء الله متصلا باليمين من غير سكوت بينهما، ولا تضر سكتة النفس (١) فينبغي للداعية أن يحفظ يمينه، وإذا كان لا بد من القسم استثنى في ذلك، والله المستعان.

ثامنا: من أدب الداعية: إكرام الضيف: لا شك أن من الآداب السامية إكرام الضيف، واستقباله بالسرور، والبشاشة، والاستقبال الحسن، والتبسم، وقد ظهر في هذا الحديث حسن الأدب مع الضيف؛ لأن أبا موسى الأشعري رضي الله عنه دعا ضيفه؛ ليأكل معه ومع أصحابه الغداء فامتنع الضيف؛ لأنه قد حلف أن لا يأكل الدجاج؛ ولحرص أبي موسى رضي الله عنه على إكرامه أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم بين أن من حلف على شيء فرأى غيره خيرا منه أتى الذي هو خير وكفر عن يمينه، وهذا يدل على حسن أدب أبي موسى رضي الله عنه؛ فإنه يطلب من الضيف أن يتغدّى معه ويكفر عن يمينه؛ ولهذا قال " الحافظ ابن حجر رحمه الله: "وفي الحديث دخول المرء على صديقه في حال أكله، واستدناء صاحب الطعام الداخل، وعرضه الطعام عليه، ولو كان قليلا؛ لأن اجتماع الجماعة على الطعام سبب للبركة فيه" (٢) وقد ذكر الله عزّ وجلّ قصة إبراهيم صلى الله عليه وسلم وإكرامه لأضيافه فقال عزّ وجلّ: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ - إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ - فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ - فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ} [الذاريات: ٢٤ - ٢٧] (٣) وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على إكرام الضيف، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت» (٤) وهذا يؤكد العناية بالضيف والآداب


(١) شرح النووي على صحيح مسلم، ١١/ ١٢٩، وانظر: مختصر اختلاف العلماء، لأبي جعفر أحمد بن محمد الطحاوي، اختصار أحمد بن علي الجصاص الرازي ٣/ ٢٣٥، وبداية المجتهد ونهاية المقتصد للإمام محمد بن أحمد بن رشد، ١/ ٣٠١، والمغني لابن قدامة المقدسي، ١٣/ ٤٨٤، المسألة رقم ١٧٩٧، والكافي له، ٦/ ٧، والمقنع، لعبد الله بن أحمد ابن محمد بن قدامة، ٢٧/ ٤٨٨، والشرح الكببر، لعبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن قدامة، ٢٧/ ٤٨٨، مسألة رقم ٤٦٩٧، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، لعلي بن سليمان بن أحمد المرداوي ٧/ ٤٨٨.
(٢) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ٩/ ٦٤٨.
(٣) سورة الذاريات، الآيات: ٢٤ - ٢٧.
(٤) متفق علبه: البخاري، كتاب الأدب، باب إكرام الضيف وخدمته إياه بنفسه، ٧/ ١٣٥، برقم ٦١٣٦، ومسلم كتاب الإيمان، باب الحث على إكرام الضيف والجار ولزوم الصمت إلا عن الخير، ١/ ٦٨، برقم ٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>