للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي ينبغي للداعية أن يعتني بها (١).

تاسعا: من تاريخ الدعوة: ذكر غزوة تبوك: دل هذا الحديث على أن من تاريخ الدعوة ذكر غزوة تبوك، وما وقع فيها من الشدة والابتلاء، لقول أبي موسى رضي الله عنه: "أرسلني أصحابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله الحملان لهم إذ هم معه في جيش العسرة، وهي غزوة تبوك"، وقد كانت هذه الغزوة في السنة التاسعة للهجرة، وأظهر الله فيها كثيرا من المنافقين لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وفضحهم الله. أسأل الله لي ولجميع المسلمين العفو والعافية في الدنيا والآخرة (٢).

عاشرا: من صفات الداعية: الصبر على الابتلاء والامتحان: الله عزّ وجلّ يبتلي عباده بالسراء والضراء؛ ليختبرهم ويمتحنهم، فينبغي أن يقابل ذلك بالشكر في السراء، والصبر في الضراء، وقد ظهر في هذا الحديث الابتلاء بالضراء والصبر على ذلك، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجد ما يحمل الأشعريين عليه؛ لقلة ما في اليد وشدة الحال، وهو سيد الخلق ويريد الغزو في جيش العسرة، ومع ذلك حصل له من الابتلاء ما جاء في هذا الحديث، فيقول لأبي موسى ومن معه: «والله لا أحملكم وما عندي ما أحملكم عليه»، ثم يسر الله له صلى الله عليه وسلم ما يحملهم عليه فحملهم بفضل الله عزّ وجلّ بعد الصبر على هذه الشدة (٣).

الحادي عشر: حرص الصحابة على الجهاد والدعوة: إن الصحابة رضي الله عنهم كانوا أحرص الناس على الجهاد والدعوة إلى الله عزّ وجلّ، ومما يدل على حرصهم ما ثبت في هذا الحديث أن أبا موسى الأشعري رضي الله عنه أرسله أصحابه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليحملهم معه في الجهاد، فلم يجد لهم رسول


(١) انظر: الآداب الشرعية لابن مفلح ٢/ ٢٢، وغذاء الألباب، للسفاريني ٢/ ١٥٧.
(٢) انظر: البداية والنهاية لابن كثير، ٥/ ٣ - ١٨، وانظر: الحديث رقم ١٨٧، الدرس الأول.
(٣) انظر: الحديث رقم ٩، الدرس الثامن، ورقم ٦٦، الدرس الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>