للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله صلى الله عليه وسلم ما يحملهم عليه، ثم يسر الله له صلى الله عليه وسلم بعض الإبل فأعطاهم ستة أبعرة، وفي رواية "خمس ذود" فحملهم صلى الله عليه وسلم، وهذا يؤكد حرص الصحابة على الجهاد؛ ولهذا جاء بعض الفقراء ليغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجد لهم ما يحملهم عليه فنفى عنهم الحرج، قال عزّ وجلّ: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ - وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ} [التوبة: ٩١ - ٩٢] (١) وهذا والله يدل على أعظم الحرص على الجهاد والدعوة فرضي الله عنهم (٢).

الثاني عشر: عظم محبة الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: الصحابة رضي الله عنهم يحبون رسول الله صلى الله عليه وسلم حّبا عظيما، يفوق محبة النفس، والولد، والوالد، والناس أجمعين، ويشفقون عليه صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا ثبت في هذا الحديث أن أبا موسى وأصحابه سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحملهم، فقال صلى الله عليه وسلم: «والله لا أحملكم وما عندي ما أحملكم عليه»، ثم بعد أن يسر الله له وأعطاهم خمس ذود، أو ستة أبعرة، فلما أخذوها وذهبوا قالوا: تغفلنا النبي صلى الله عليه وسلم يمينه، لا نفلح، لا يبارك لنا، فرجعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنا سألناك أن تحملنا فحلفت أن لا تحملنا أفنسيت؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «لست أنا حملتكم، ولكن الله حملكم، وإني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها»، وهذا يؤكد محبة الصحابة رضي الله عنهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وشفقتهم وعدم غشهم له صلى الله عليه وسلم (٣).

الثالث عشر: من أساليب الدعوة: التأكيد بالقسم: التأكيد بالقسم من أساليب الدعوة؛ ولهذا استخدمه النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ظهر في هذا الحديث؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها


(١) سورة التوبة، الآيتان: ٩١ - ٩٢، وانظر: تفسير الإمام الطبري "جامع البيان عن تأويل آي القرآن" ١٤/ ٤٢١.
(٢) انظر: الحديث رقم: ١٠٢، الدرس الرابع.
(٣) انظر: الحديث رقم ٦٢، الدرس الثامن، ورقم ٦٣، الدرس الثامن.

<<  <  ج: ص:  >  >>