للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتشريد لأصحاب الهجرتين كما في هذا الحديث، فابتلاهم سبحانه بأعدائهم فهاجروا إلى الحبشة، وكذلك ابتلاء الأشعريين وهجرتهم من أوطانهم إلى الحبشة ثم إلى المدينة، يبتغون فضلا من الله ورضوانا، رضي الله عنهم ورحمهم (١).

سادسا: أهمية الحرص على أخذ العلم من مصادره الأصلية مباشرة: أخذ العلم من مصادره الأصلية مباشرة من أهم المهمات؛ ولهذا اعتنى السلف الصالح بذلك، ومن هذا ما ثبت في هذا الحديث أن أسماء بنت عميس رضي الله عنها أخذت تحدث بحديث فضل هجرة الحبشة، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «ولكم أصحاب السفينة هجرتان»، قالت: "فلقد رأيت أبا موسى وأصحاب السفينة يأتوني أرسالا يسألوني عن هذا الحديث"، وقالت: "فلقد رأيت أبا موسى وإنه ليستعيد هذا الحديث مني" وهذا يؤكد أهمية أخذ العلم وسماعه من أهله مباشرة بدون واسطة عند الاستطاعة؛ لأن الأشعريين رضي الله عنهم يريدون سماع هذا الحديث من أسماء رضي الله عنها؛ لكونها سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم (٢).

سابعا: من صفات الداعية: الرغبة فيما عند الله عزّ وجلّ: إن الداعية المخلص الصادق يرغب فيما عند الله عزّ وجلّ، ويبذل جهده وطاقته فيما يقربه من ربه؛ ولهذه الرغبة صبر أصحاب الهجرتين على الشدة وفراق الأهل والأوطان؛ وأعظم من ذلك فراق النبي صلى الله عليه وسلم مع حبهم له؛ ولهذا قالت أسماء بنت عميس رضي الله عنها لعمر رضي الله عنه عندما قال: "سبقناكم بالهجرة فنحن أحق برسول الله صلى الله عليه وسلم منكم"، فقالت: "كلا والله، كنتم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يطعم جائعكم، ويعظ جاهلكم، وكنا في دار، أو في أرض البعداء البغضاء بالحبشة وذلك في الله، وفي رسوله صلى الله عليه وسلم"، وهذا يؤكد رغبتهم فيما عند الله عزّ وجلّ؛ ولهذا عندما أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: «ولكم أهل السفينة هجرتان»، ما من الدنيا شيء هم به أفرح ولا أعظم في أنفسهم مما قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم (٣).


(١) انظر: الحديث رقم ٩، الدرس الثامن، ورقم ٦٦، الدرس الأول.
(٢) انظر: الحديث رقم ٧٧، الدرس الرابع، ورقم ١٦٣، الدرس الرابع.
(٣) انظر: الحدث رقم ١٣، الدرس الثاني، ورقم ١٦، الدرس الثالث، ورقم ٢١، الدرس السادس.

<<  <  ج: ص:  >  >>