للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل هو عادل فلا يشقى" (١) عليه الصلاة والسلام (٢).

ثانيا: من أساليب الدعوة: الترهيب: دل هذا الحديث على أن الترهيب من أساليب الدعوة إلى الله عزّ وجلّ؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم لهذا الرجل: "لقد شقيت إن لم أعدل قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "والمعنى لقد شقيت: أي ضللت أنت أيها التابع حيث تقتدي بمن لا يعدل، أو حيث تعتقد في نبيك هذا القول الذي لا يصدر عن مؤمن" (٣) وهذا على رواية فتح التاء: "لقد شقيت"، ورجح الفتح الإمام النووي رحمه الله، (٤) فتأكد أسلوب الترهيب (٥).

ثالثا: من صفات الداعية: الحلم: الحلم من أعظم صفات أهل العلم والإيمان؛ لما فيه من ضبط النفس عن هيجان الغضب والانتقام، وقد ظهر واضحا في هذا الحديث؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يعاقب هذا الرجل الذي قال: "اعدل"، ومما يؤكد حلمه صلى الله عليه وسلم رواية الحديث عند مسلم رحمه الله؛ فإنه قد زاد في آخره: «فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: دعني يا رسول الله فأقتل هذا المنافق؟ " فقال صلى الله عليه وسلم: "معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي، إن هذا وأصحابه يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم (٦) يمرقون منه كما يمرق السهم (٧) من الرمية» (٨) وهذا يؤكد حلم النبي وحكمته صلى الله عليه وسلم، فينبغي التأسي به (٩).


(١) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ٦/ ٢٤٣، وانظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم للقرطبي، ٣/ ١٠٩.
(٢) انظر: الحديث رقم ٦٠، الدرس الثاني، ورقم ٦٤، الدرس الأول، ورقم ٩٦، الدرس الرابع.
(٣) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ٦/ ٢٤٣.
(٤) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، ٧/ ١٦٥.
(٥) انظر: الحديث رقم ٧، الدرس الثالث عشر، ورقم ١٢، الدرس الثالث.
(٦) لا يجاوز حناجرهم: لا تفقهه قلوبهم ولا ينتفعون بما تلوا منه، وليس لهم حظ سوى تلاوة الفم والحنجرة، وقيل: لا يصعد لهم عمل ولا تلاوة ولا يتقبل. انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، ٧/ ١٦٥.
(٧) وفي الرواية الأخرى يمرقون من الإسلام، وفي رواية أخرى: يمرقون من الدين: والمعنى يخرجون منه خروج السهم إذا نفذ الصيد من جهة أخرى، ولم يتعلق به شيء منه، والرمية: هي الصيد المرمي. انظر شرح النووي على صحيح مسلم، ٧/ ١٦٥ - ١٦٦.
(٨) مسلم برقم ١٠٦٣، وتقدم تخريجه مع أصل الحديث في الصفحة السابقة، ص ٩٢٩.
(٩) انظر: الحديث رقم ٣٥، الدرس الثاني، ورقم ٨٩، الدرس الخامس.

<<  <  ج: ص:  >  >>