للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ قَتَلَ أبا جهل وحكم له بالسلب. (١) وللحكم بالقرائن والاستدلال بالأمارات والفراسة أصل في القرآن الكريم، قال الله عزَّ وجلَّ: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ - وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ - فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ} [يوسف: ٢٦ - ٢٨] (٢) وهذا يؤكد أهمية الأخذ بالقرائن والله عزَّ وجلَّ أعلم (٣).

تاسعا: أهمية أسلوب التشبيه في الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ: التشبيه له أهمية في الأساليب الدعوية؛ لما له من تقريب المعاني، وقد ظهر هذا الأسلوب في هذا الحديث؛ لقول عبد الرحمن بن عوف رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ في شأن معاذ ابن عفراء، ومعاذ بن عمرو بن الجموح رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حينما قتلا أبا جهل: "فشدا عليه مثل الصقرين"، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "شبههما به لما اشتهر عنه من الشجاعة، والشهامة، والإِقدام على الصيد؛ ولأنه إذا تشبث بشيء لم يفارقه حتى يأخذه" (٤) وهذا يبين أهمية أسلوب التشبيه في الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ (٥).

عاشرا: أهمية المسارعة إلي الخيرات: المسارعة إلى الخيرات من الصفات الحميدة التي ينبغي لكل مسلم أن يتصف بها، وخاصة الداعية إلى الله عزَّ وجلَّ، وقد دل هذا الحديث على ذلك؛ لأن معاذ ابن عفراء ومعاذ بن عمرو بن الجموح بادرا إلى السؤال عن أبي جهل؛ ليسرعا إلى قتله، ولهذا عندما أشير إليه شدّا عليه مثل الصقرين حتى قتلاه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما (٦).

الحادي عشر: أهمية الغضب لله ولرسوله في حدود الحكمة: لقد دل هذا الحديث على أهمية الغضب لله عزَّ وجلَّ ولرسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لقول كل


(١) انظر: منار القاري، شرح مختصر البخاري، لحمزة محمد قاسم، ٤/ ١٣٤.
(٢) سورة يوسف، الآيات: ٢٦ - ٢٨.
(٣) انظر: الطرق الحكمية في السياسة الشرعية لابن القيم ص ٣ - ١٣.
(٤) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ٧/ ٣٠٨.
(٥) انظر: الحديث رقم ١٨، الدرس الرابع، ورقم ٩، الدرس الخامس.
(٦) انظر: الحديث رقم ١٦، الدرس الثاني، ورقم٣٠، الدرس الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>