للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحياء (١) ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «الإيمان بضع وسبعون شعبة (٢) والحياء شعبة من الإيمان» (٣) وفي رواية لمسلم: «الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة، فأولها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان» (٤) وعن عمران بن حصين رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الحياء لا يأتي إلا بخير» (٥) ولأهمية الحياء عده النبي صلى الله عليه وسلم من شرائع الأنبياء التي لم تنسخ، بل يكون إلى يوم القيامة (٦) فعن أبي مسعود رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح (٧).

فاصنع ما شئت» (٨) وأعظم من ذلك دلالة أن هذا الحياء من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، فعن أبي سعيد رضي الله عنه: «كان النبي صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء (٩) في خدرها، وكان إذا كره شيئا عرفناه في وجهه» (١٠) فينبغي للدعاة إلى الله عز وجل أن يلتزموا الحياء الذي يحبه الله عز وجل؛ وليعلم أن الحياء الذي يمنع من العلم أو من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس حياء، وإنما هو من الضعف والخور، والجبن، والله المستعان.


(١) انظر: مختصر شعب الإيمان للبيهقي، اختصره الإمام عمر بن عبد الرحمن القزويني، ص ١١٠، والتوضيح والبيان لشجرة الإيمان، لعبد الرحمن بن ناصر السعدي.، ص ٩ - ٣٨.
(٢) البضع: ما بين الثلاث إلى عشر، وقيل ما بين الثلاث إلى تسع. شرح النووي على صحيح مسلم ١/ ٣٦٣.
(٣) متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: البخاري، كتاب الإيمان، باب أمور الإيمان، ١/ ١٠، برقم ٩، ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان عدد شعب الإيمان وأفضلها وأدناها، ١/ ٦٣، برقم ٣٥، واللفظ له.
(٤) مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان عدد شعب الإيمان، ١/ ٦٣، برقم ٣٥.
(٥) متفق عليه: البخاري، كتاب الأدب، باب الحياء، ٧/ ١٣٠، برقم ٦١١٧، ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان عدد شعب الإيمان، ١/ ٦٤، برقم ٣٧ وفي لفظ له: "الحياء كله خير".
(٦) انظر: جامع الأصول، لابن الأثير، ٣/ ٦٢١.
(٧) إذا لم تستح فاصنع ما شئت: هذا له تفسيران: المعنى الأول المشهور: إذا لم تستح من العيب ولم تخش العار مما تفعله فافعل ما تحدثك به نفسك من أغراضها سواء كان حسنا أو قبيحا، وهذا لفظه أمر. ومعناه: توبيخ وتهديد. والمعنى الثاني: إذا كنت من أفعالك آمنا أن تستحي منها فاصنع منها ما شئت، كأنه يقول: إذا كنت في أفعالك جاريا على سنن الصواب، فافعل منها ما شئت، جامع الأصول من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، لابن الأثير، ٣/ ٦٢١، وانظر: شرح الأربعين النووية، للإمام ابن دقيق العيد، ص ٦٢.
(٨) البخاري، في كتاب أحاديث الأنبياء، باب ٤٠/ ١٨٣، برقم ٣٤٨٣.
(٩) العذراء: البكر، والخدر: هو الموضع الذي تصان فيه من الأعين. جامع الأصول لابن الأثير، ٣/ ٦٢٢.
(١٠) متفق عليه: البخاري، كتاب الأدب، باب الحياء، ٧/ ١٣٠، برقم ٦١١٩، ومسلم، كتاب الفضائل، باب كثرة حيائه صلى الله عليه وسلم، ٤/ ١٨٠٩، برقم ٢٣٢٠، واللفظ له.

<<  <  ج: ص:  >  >>