للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خامسا: من صفات الداعية: الغيرة المحمودة: إن الغيرة المحمودة هي التي تبعث على القيام بالواجبات وتنفر من المحرمات، وقد ظهر في هذا الحديث أن الغيرة من الصفات الحميدة التي ينبغي أن يتصف بها الداعية، قالت أسماء رضي الله عنها: «فاستحييت أن أسير مع الرجال، وذكرت الزبير وغيرته وكان أغير الناس»، ويؤكد ذلك ما صح في مدح الغيرة، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا أحد أغير من الله؛ ولذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا أحد أحب إليه المدح من الله؛ ولذلك مدح نفسه، [وليس أحد أحب إليه العذر من الله، من أجل ذلك أنزل الكتاب وأرسل الرسل]»، " (١) وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: «قال سعد بن عبادة رضي الله عنه: لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح عنه (٢) فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أتعجبون من غيرة سعد؛ فوالله لأنا أغير منه، والله أغير مني، من أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا شخص أغير من الله، ولا شخص أحب إليه العذر من الله، ومن أجل ذلك بعث الله المرسلين مبشرين ومنذرين، ولا شخص أحب إليه المدحة من الله، ومن أجل ذلك وعد الله الجنة» (٣) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يغار، وإن المؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم [الله] عليه» (٤) ومما يؤكد غيرة الله على محارمه ما روته عائشة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يا أمة محمد، ما أحد أغير من الله أن يرى عبده أو أمته يزني، يا أمة محمد لو تعلمون ما أعلم


(١) متفق عليه: البخاري، كتاب التفسير، سورة الأنعام، باب قوله وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر، ٥/ ٢٣١، برقم ٤٦٣٤، ومسلم، كتاب التوبة، باب غيرة الله تعالى وتحريم الفواحش، ٤/ ٢١١٤، برقم ٢٧٦٠، واللفظ له.
(٢) غير مصفح: أي يضربه بحد السيف لا بعرضه. جامع الأصول لابن الأثير، ٨/ ٤٣٣.
(٣) متفق عليه: البخاري، كتاب التوحيد، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا شخص أغير من الله "، ٨/ ٢٢٠، برقم ٧٤١٦، ومسلم، كتاب اللعان، ٢/ ١١٣٦، برقم ١٤٩٩.
(٤) متفق عليه: البخاري، كتاب النكاح، باب الغيرة، ٦/ ١٩١، برقم ٥٢٢٣، ومسلم، كتاب التوبة، باب غيرة الله تعالى وتحريم الفواحش، ٤/ ٢١١٤، برقم ٢٧٦١، واللفظ لمسلم، وما بين المعكوفين من صحيح البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>