قال المؤلف رحمه الله تعالى:(وأصل الكفر والنفاق: هو الكفر بالرسل وبما جاءوا به، فإن هذا هو الكفر الذي يستحق صاحبه العذاب في الآخرة، فإن الله تعالى أخبر في كتابه أنه لا يعذب أحداً إلا بعد بلوغ الرسالة، قال الله تعالى:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}[الإسراء:١٥]، وقال تعالى:{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا * وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا * رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}[النساء:١٦٣ - ١٦٥]).
وهذا هو الشاهد من هذه الآية مثل التي قبلها:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}[الإسراء:١٥]، وقوله تعالى:{لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}[النساء:١٦٥].
فأخبر أنه كلما ألقي في النار فوج أقروا بأنهم جاءهم النذير فكذبوه، فدل ذلك على أنه لا يلقى فيها فوج إلا من كذب النذير).
وعلى هذا فمن لم يأته نذير لم يلق في جهنم، ومن لم يكذب النذير لم يلق في جهنم.
قوله: وقال تعالى في خطابه لإبليس: {لَأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ}[ص:٨٥].
فأخبر أنه يملؤها بإبليس ومن اتبعه، فإذا ملئت بهم لم يدخلها غيرهم، فعلم أنه لا يدخل النار إلا من تبع الشيطان، وهذا يدل على أنه لا يدخلها من لا ذنب له، فإنه ممن لم يتبع الشيطان ولم يكن مذنباً، وما تقدم يدل على أنه لا يدخلها إلا من قامت عليه الحجة بالرسل).