للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[من كرامات التابعين]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وجرى مثل ذلك لـ أبي مسلم الخولاني، الذي ألقي في النار، فإنه مشى هو ومن معه من العسكر على دجلة وهي ترمي بالخشب من مداها، ثم التفت إلى أصحابه فقال: هل تفقدون من متاعكم شيئاً، حتى أدعو الله عز وجل فيه؟ فقال بعضهم: فقدت مخلاة، فقال: اتبعني، فتبعه فوجدها قد تعلقت بشيء فأخذها، وطلبه الأسود العنسي لما ادعى النبوة، فقال له: أتشهد أني رسول الله، قال: ما أسمع، قال: أتشهد أن محمداً رسول الله، صلى الله عليه وسلم قال: نعم، فأمر بنار، فألقي فيها، فوجدوه قائماً يصلي فيها، فقد صارت عليه برداً وسلاماً، وقدم المدينة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، فأجلسه عمر بينه وبين أبي بكر الصديق رضي الله عنهما وقال: الحمد لله الذي لم يمتني حتى أرى من أمة محمد صلى الله عليه وسلم من فعل به كما فعل بإبراهيم خليل الله، ووضعت له جارية السم في طعامه، فلم يضره، وقد خببت امرأة عليه زوجته، فدعا عليها فعميت، فجاءت وتابت، فدعا لها فرد الله عليها بصرها.

وكان عامر بن عبد قيس، يأخذ عطاءه ألفي درهم في كمه، وما يلقاه من سائل في طريقه إلا أعطاه بغير عدد، ثم يجيء إلى بيته فلا يتغير عددها ولا وزنها، ومر بقافلة قد حبسها الأسد، فجاء حتى مس بثيابه الأسد، ثم وضع رجله على عنقه، وقال: إنما أنت كلب من كلاب الرحمن، وإني أستحي أن أخاف شيئاً غيره، ومرت القافلة، ودعا الله تعالى أن يهون عليه الطهور في الشتاء، فكان يؤتى بالماء له بخار، ودعا ربه أن يمنع قلبه من الشيطان وهو في الصلاة، يعني فلم يقدر الشيطان عليه.

وتغيب الحسن البصري عن الحجاج، فدخلوا عليه ست مرات، فدعا الله عز وجل فلم يروه، ودعا على بعض الخوارج كان يؤذيه، فخر ميتاً.

وصله بن أشيم مات فرسه وهو في الغزو، فقال: اللهم لا تجعل لمخلوق علي منة، ودعا الله عز وجل فأحيا له فرسه، فلما وصل إلى بيته، قال: يا بني! خذ سرج الفرس، فإنه عارية، فأخذ سرجه فمات الفرس، وجاء مرة بالأهواز فدعا الله عز وجل واستطعمه، فوقت خلفه دخوله رطب في ثوب حرير، فأكل التمر وبقي الثوب عند زوجته زماناً، وجاءه الأسد وهو يصلي في غيضة بالليل، فلما سلم قال له: اطلب الرزق من غير هذا الموضع، فولى الأسد وله زئير.

وكان سعيد بن المسيب في أيام الحرة يسمع الأذان من قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في أوقات الصلوات، وكان المسجد قد خلا فلم يبق فيه غيره.

ورجل من النخع كان له حمار، فمات في الطريق، فقال له أصحابه: هلم نتوزع متاعك على رحالنا، فقال لهم: أمهلوني هنيهة، ثم توضأ فأحسن الوضوء، وصلى ركعتين ودعا الله تعالى فأحيا له حماره، فحمل عليه متاعه.

ولما مات أويس القرني، وجدوا في ثيابه أكفاناً لم تكن معه قبل، ووجدوا له قبراً محفوراً، فيه لحد في صخرة، فدفنوه فيه وكفونه في تلك الأثواب.

وكان عمرو بن عتبة بن فرقد يصلي يوماً في شدة الحر، فأظلته غمامة، وكان السبع يحميه وهو يرعى ركاب أصحابه؛ لأنه كان يشترط على أصحابه في الغزو أن يخدمهم.

وكان مطرف بن عبد الله بن الشخير إذا دخل بيته سبحت معه آنيته، وكان هو وصاحب له يسيران في ظلمة، فأضاء لهما طرف السوط.

ولما مات الأحنف بن قيس وقعت قلنسوة رجل في قبره، فأهوى ليأخذها، فوجد القبر قد فسح فيه مد البصر.

وكان إبراهيم التيمي يقيم الشهر والشهرين لا يأكل شيئاً، وخرج يمتاز لأهله طعاماً، فلم يقدر عليه، فمر بسهلة حمراء فأخذ منها ثم رجع إلى أهله، ففتحوها فإذا هي حنطة حمراء، فكان إذا زرع منها، تخرج السنبلة من أصلها إلى فرعها حباً متراكباً.

وكان عتبة بن الغلام سأل ربه ثلاث خصال: صوتاً حسناً، ودمعاً غزيراً، وطعاماً من غير تكلف، فكان إذا قرأ بكى وأبكى، ودموعه جارية دهره، وكان يأوي إلى منزله، فيصيب فيه قوته، ولا يدري من أين يأتيه.

وكان عبد الواحد بن زيد أصابه الفالج -الشلل النصفي- فسأل ربه أن يطلق له أعضاءه وقت الوضوء، فكانت وقت الوضوء تطلق له أعضاؤه، ثم تعود بعده.

وهذا باب واسع، قد بسط الكلام على كرامات الأولياء في غير هذا الموضع، وأما ما نعرفه نحن عياناً ونعرفه في هذا الزمان فكثير.

<<  <  ج: ص:  >  >>