يقول المؤلف رحمه الله تعالى:[فلما أراد هؤلاء المتأخرون منهم كـ ابن سينا أن يثبت أمر النبوات على أصولهم الفاسدة: زعموا أن النبوة لها خصائص ثلاثة من اتصف بها فهو نبي: أن تكون له قوة علمية يسمونها القوة القدسية ينال بها من العلم بلا تعلم.
وأن يكون له قوة تخيلية تخيل له ما يعقل في نفسه بحيث يرى في نفسه صوراً أو يسمع في نفسه أصواتاً كما يراه النائم ويسمعه، ولا يكون له وجود في الخارج، وزعموا أن تلك الصور هي ملائكة الله، وتلك الأصوات هي كلام الله تعالى.
وأن يكون له قوة فعالة يؤثر بها في هيولى العالم -في مادة العالم-، وجعلوا معجزات الأنبياء وكرامات الأولياء وخوارق السحرة هي قوى النفس؛ فأقروا من ذلك ما يوافق أصولهم كقلب العصا حية، دون انشقاق القمر].
لأن القمر عندهم من الأفلاك، والأفلاك هذه لا تتغير، لكن الذي ممكن أن يتغير هنا في العالم السفلي، ولذلك تراهم ينكرون انشقاق القمر ويثبتون معجزة العصا حية.
[فإنهم ينكرون وجود ذلك، وقد بسطنا الكلام على هؤلاء في مواضع، وبينا أن كلامهم هذا أفسد الكلام، وأن هذا الذي جعلوه من خصائص النبي يحصل ما هو أعظم منه لآحاد العامة ولأتباع الأنبياء].
القوى الثلاثة هذه ابن سينا عندما يثبتها يقول: إن النبوة مكتسبة، وهذه أحد المواطن التي كفره بها الغزالي نفسه، ويرى أن الفلاسفة والحكماء مثل الأنبياء تماماً!