[صور من الأحوال الشيطانية]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ومن هؤلاء من إذا حضر سماع المكاء والتصدية يتنزل عليه شيطانه حتى يحمله في الهواء ويخرجه من تلك الدار، فإذا حضر رجل من أولياء الله تعالى طرد شيطانه فيسقط، كما جرى هذا لغير واحد] يعني: إذا وجد رجل من أولياء الله يذكر الله، ويقرأ آية الكرسي مثلاً سقط المحمول.
ثم قال: [ومن هؤلاء من يستغيث بمخلوق إما حي أو ميت، سواء كان ذلك المخلوق مسلماً أو نصرانياً أو مشركاً، فيتصور الشيطان بصورة ذلك المستغاث به ويقضي بعض حاجة ذلك المستغيث، فيظن أنه ذلك الشخص أو هو ملك على صورته، وإنما هو شيطان، أضله لما أشرك بالله، كما كانت الشياطين تدخل في الأصنام وتكلم المشركين.
ومن هؤلاء من يتصور له الشيطان ويقول له: أنا الخضر].
ولذلك أجمع أهل البدع على حياة الخضر، وأنه يلتقي بهم في الموالد الكبرى، مثل مولد البدوي والدسوقي وهذا شيء معلوم عندهم بالقطع واليقين، ومعلوم أن: أول ما رأوه رأوا شيطاناً، فقال لهم: أنا الخضر؛ لأنهم لم يروا الخضر من قبل حتى يعرفوه.
ثم يقول: [وربما أخبره ببعض الأمور، وأعانه على بعض مطالبهم، كما جرى ذلك لغير واحد من المسلمين واليهود والنصارى.
وكثير من الكفار بأرض المشرق والمغرب يموت لهم الميت فيأتي الشيطان بعد موته على صورته، وهم يعتقدون أنه ذلك الميت، ويقضي الديون ويرد الودائع ويفعل أشياء تتعلق بالميت، ويدخل إلى زوجته ويذهب، وربما يكونون قد أحرقوا ميتهم بالنار، كما يصنع كفار الهند، فيظنون أنه عاش بعد موته.
ومن هؤلاء شيخ كان بمصر، أوصى خادمه، فقال: إذا أنا مت فلا تدع أحداً يغسلني، فأنا أجيء وأغسل نفسي، فلما مات رأى خادمه شخصاً في صورته، فاعتقد أنه هو دخل وغسل نفسه، فلما قضى ذلك الداخل غسله -أي: غسل الميت- غاب، وكان ذلك شيطاناً، وكان قد أضل الميت، وقال: إنك بعد الموت تجيء فتغسل نفسك، فلما مات جاء أيضاً في صورته ليغوي الأحياء كما أغوى الميت قبل ذلك] من أجل أن يصير هذا الميت عند الناس من الأولياء؛ ومن ثم يبنون على قبره قبة ويدعونه ويتضرعون إليه.
ثم يقول: [ومنهم من يرى عرشاً في الهواء وفوقه نور، ويسمع من يخاطبه ويقول: أنا ربك، فإن كان من أهل المعرفة، علم أنه شيطان فزجره واستعاذ بالله منه فيزول ذلك.
ومنهم من يرى أشخاصاً في اليقظة، يدعي أحدهم أنه نبي أو صديق أو شيخ من الصالحين، ويكون من الشياطين، وقد جرى هذا لغير واحد.
ومنهم من يرى في منامه أن بعض الأكابر -إما الصديق رضي الله عنه أو غيره- قد قص شعره أو حلقه أو ألبسه طاقيته أو ثوبه، فيصبح وعلى رأسه طاقية، وشعره محلوق أو مقصر، وإنما الجن قد حلقوا شعره أو قصروه، وهذا الأحوال الشيطانية تحصل لمن خرج عن الكتاب والسنة].