للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إبطال ما يزعمه أدعياء الولاية في أهل الصفة]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ومنهم من يقول: إن الله أوحى إلى أهل الصفة في الباطن ما أوحى إليه ليلة المعراج فصار أهل الصفة بمنزلته].

فهم ظنوا أن كلمة الصوفية مأخوذة من الصفة، وهي ليست كذلك، لذا فإن من الكفر والعياذ بالله أن يقال: إنه يوحى إلى أهل الصفة في الباطن ما أوحى إليه ليلة المعراج.

وأهل الصفة كانت بدايتهم أن هناك من يهاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يجد مأوى، فجعل لهم في مؤخرة المسجد مكان يأوون إليه.

قال المؤلف رحمه الله: [وهؤلاء من فرط جهلهم لا يعلمون أن الإسراء كان بمكة كما قال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} [الإسراء:١].

وأن الصفة لم تكن إلا بالمدينة وكانت صفة في شمالي مسجده صلى الله عليه وسلم ينزل بها الغرباء الذين ليس لهم أهل وأصحاب ينزلون عندهم، فإن المؤمنين كانوا يهاجرون إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة، فمن أمكنه أن ينزل في مكان نزل به، ومن تعذر عليه ذلك نزل في المسجد إلى أن يتيسر له مكان ينتقل إليه.

ولم يكن أهل الصفة ناساً بأعيانهم يلازمون الصفة بل كانوا يقلون تارة ويكثرون أخرى، ويقيم الرجل بها أياماً ثم ينتقل منها، والذين ينزلون بها هم من جنس سائر المسلمين ليس لهم مزية في علم ولا دين، بل فيهم من ارتد عن الإسلام وقتله النبي صلى الله عليه وسلم كالعرنيين الذين اجتووا المدينة أي: استوخوهما].

أي: مرضوا من جوها.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فأمر لهم النبي صلى الله عليه وسلم بلقاح أي: إبل لها لبن، وأمرهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها، فلما صحوا قتلوا الراعي واستاقوا الذود، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم في طلبهم فأتي بهم فأمر بقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم] أي: جعلت المسامير فيها كما فعلوا بالراعي.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وتركهم في الحرة يستسقون فلا يسقون] والحرة: أرض فيها حجارة سوداء على أطراف المدينة.

قال المؤلف رحمه الله: [وحديثهم في الصحيحين من حديث أنس وفيه أنهم نزلوا الصفة، فكان ينزلها مثل هؤلاء ونزلها من خيار المسلمين سعد بن أبي وقاص وهو أفضل من نزل بالصفة، ثم انتقل عنها، ونزلها أبو هريرة وغيره، وقد جمع أبو عبد الرحمن السلمي (تاريخ من نزل الصفة)].

وأما الأنصار فلم يكونوا من أهل الصفة، وكذلك أكابر المهاجرين كـ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وأبي عيدة بن الجراح وغيرهم لم يكونوا من أهل الصفة].

وهؤلاء هاجروا في سبيل الله وكانت لهم أموال فاتخذوا بها مساكن، أو تاجروا وربحوا حتى كانت لهم مساكن.

والعرنيين نزلوا مصلحة وطمعوا في المال، فقتلوا راعي إبل الصدقة وأخذوا الإبل طمعاً في المال.

<<  <  ج: ص:  >  >>