للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الإسلام دين جميع الرسل]

الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.

قال المؤلف رحمه الله: [فصل: والحقيقة: حقيقة الدين دين رب العالمين هي ما اتفق عليها الأنبياء والمرسلون، وإن كان لكل منهم شرعة ومنهاج.

فالشرعة: هي الشريعة، قال الله تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة:٤٨]، وقال تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ * إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ} [الجاثية:١٨ - ١٩].

والمنهاج: هو الطريق، قال تعالى: {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا * لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا} [الجن:١٦ - ١٧].

فالشرعة: بمنزلة الشريعة للنهر، والمنهاج: هو الطريق الذي سلك فيه، والغاية المقصودة: هي حقيقة الدين، وهي عبادة الله وحده لا شريك له، وهي حقيقة دين الإسلام، وهو: أن يستسلم العبد لله رب العالمين، لا يستسلم لغيره، فمن استسلم لله ولغيره كان مشركاً، والله لا يغفر أن يشرك به، ومن لم يستسلم لله بل استكبر عن عبادته كان ممن قال الله فيه: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر:٦٠]].

وهذان النوعان هما أساس كل كفر والعياذ بالله، الأول شرك قوم نوح ومشركي العرب، ومعظم الأمم التي تعبد الله، ولكن في نفس الوقت تشرك به وخصوصاً في الدعاء وصرف العبادات لغيره.

النوع الثاني: شرك إبليس، وهو شرك فرعون وأمثاله ممن جحد دين الله عز وجل ورده ولا يقبل بالخضوع والانقياد له، كالشرك المنتشر في زماننا من فصل الدين عن الحياة، والإباء والرد لدين الله سبحانه وتعالى، وكلا النوعين مازال منتشراً يقع فيه كثير من الناس.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ودين الإسلام: هو دين الأولين والآخرين من النبيين والمرسلين، وقوله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران:٨٥] عام في كل زمان ومكان، فنوح وإبراهيم، ويعقوب، والأسباط، وموسى، وعيسى والحواريون كلهم دينهم الإسلام].

الحواريون ليسوا من الأنبياء ولا من المرسلين، ولكنهم أتباع المسيح صلى الله عليه وسلم.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [كلهم دينهم الإسلام الذي هو عبادة الله وحده لا شريك له، قال الله تعالى عن نوح: {يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ} [يونس:٧١] إلى قوله: {وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس:٧٢]، وقال تعالى: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [البقرة:١٣٠ - ١٣٢]، وقال تعالى: {وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ} [يونس:٨٤]، وقال السحرة: {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ} [الأعراف:١٢٦]، وقال يوسف عليه السلام: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف:١٠١]، وقالت بلقيس: {أَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [النمل:٤٤]، وقال تعالى: {يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ} [المائدة:٤٤]، وقال الحواريون: {آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران:٥٢].

فدين الأنبياء واحد وإن تنوعت شرائعهم].

دينهم الذي هو عبادة الله، والخضوع لله عز وجل والاستذلال له.

<<  <  ج: ص:  >  >>