للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وجوب التفريق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فصل: وإذا عرف أن الناس فيهم أولياء الرحمن وأولياء الشيطان فيجب أن يفرق بين هؤلاء وهؤلاء، كما فرق الله ورسوله بينهما.

فأولياء الله هم المؤمنون المتقون، كما قال تعالى: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس:٦٢ - ٦٣]].

قال المؤلف رحمه الله: [وفي الحديث الذي رواه البخاري وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يقول الله تعالى: من عادى لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة (أو فقد آذنته بالحرب) وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، (وفي رواية) فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته ولا بد له منه).

فهذا أصح حديث يروى في الأولياء.

فبين النبي صلى الله عليه وسلم أنه من عادى ولياً لله فقد بارز الله بالمحاربة.

وفي حديث آخر: (وإني لأثأر لأوليائي كما يثأر الليث الحرب) أي: الليث الذي يحارب أو نحو ذلك، وهذا التشبيه إنما هو في شدة البأس، وهو لتقريب الأمر إلى أذهان العباد، وإلا فالله ليس كمثله شيء.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [أي آخذ ثأرهم ممن عاداهم كما يأخذ الليث ثأره.

وهذا لأن أولياء الله هم الذين آمنوا به ووالوه، فأحبوا ما يحب وأبغضوا ما يبغض، ورضوا بما يرضى، وسخطوا بما يسخط، وأمروا بما يأمر، ونهوا عما ينهى، وأعطوا لمن يحب أن يعطى، ومنعوا من يحب أن يمنع، كما في الترمذي وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله).

وفي حديث آخر رواه أبو داود وقال: (من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان)].

<<  <  ج: ص:  >  >>