قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقال أئمة السنة: القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق حيث تلي وحيث كتب، فلا يقال لتلاوة العبد بالقرآن إنها مخلوقة؛ لأن ذلك يدخل فيه القرآن المنزل، ولا يقال غير مخلوقة؛ لأن ذلك يدخل في أفعال العباد، ولم يقل قط أحد من أئمة السلف: إن أصوات العباد بالقرآن قديمة، بل أنكروا على من قال: لفظ العبد بالقرآن غير مخلوق، وأما من قال: إن المداد قديم، فهذا من أجهل الناس وأبعدهم عن السنة، قال الله تعالى:{قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا}[الكهف:١٠٩]].
كل هذه المباحث تتعلق بالقرآن، والسبب في هذا: أن أهل البدع تكلموا في الباطل؛ فاضطر أهل السنة كـ شيخ الإسلام وغيره إلى الرد عليهم، وإلا فإن هذه الأمور لا تنبغي؛ لأن هذه الأمور معلومة من الدين بالضرورة.
ولذلك يقول المؤلف:(وقال أئمة السنة: القرآن كلام الله غير مخلوق) رداً على المعتزلة الذين يقولون: كلام الله مخلوق، وقالوا: من قال: إن القرآن مخلوق فقد كفر، يقول المؤلف:(كلام الله غير مخلوق حيث تلي وحيث كُتب) فإن تلي فالمتلو هو كلام الله، وإن كتب فالمكتوب كلام الله، قال المؤلف:(فلا يقال لتلاوة العبد بالقرآن إنها مخلوقة)؛ لأن هذا من البدع، ولأن ذلك يدخل فيه القرآن المنزل، ولا يقال غير مخلوقة؛ لأن ذلك يدخل فيه أفعال العباد.
ولأنه إذا قيل إنها مخلوقة يدخل فيه القرآن وهو منزل غير مخلوق، وإذا قيل غير مخلوق يدخل فيه أفعال العباد، ولهذا قال الإمام أحمد في كلمته المشهورة: من قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي، ومن قال غير مخلوق فهو مبتدع، ولم يقل قط أحد من السلف: إن أصوات العباد بالقرآن قديمة، بل أنكروا على من قال: لفظ العبد بالقرآن غير مخلوق، وأما من قال: إن المداد قديم فهذا من أجهل الناس -والمداد: هو الحبر الذي يكتب به- والحبر معروف أنه حادث يكتب به، فهذا من أجهل الناس وأبعدهم من السنة، قال الله تعالى:{قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا}[الكهف:١٠٩]، فأخبر أن المداد تكتب به كلماته.