للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أهمية الصلاة ومكانتها]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وأمر الصلاة عظيم شأنها أن تذكر ههنا، فإنها قوام الدين وعماده، وتعظيمه تعالى لها في كتابه فوق جميع العبادات، فإنه سبحانه يخصها بالذكر تارة، ويقرنها بالزكاة تارة، وبالصبر تارة، وبالنسك تارة كقوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة:٤٣]، وقوله: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ} [البقرة:٤٥]، وقوله: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر:٢]، وقوله: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام:١٦٢ - ١٦٣].

وتارة يفتتح بها أعمال البر ويختمها بها كما ذكره في سورة {سَأَلَ سَائِلٌ} [المعارج:١]، وفي أول سورة المؤمنين، قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المؤمنون:١ - ١١]].

هذا فيه بيان مكانة الصلاة وأهميتها، فإنها قوام الدين، يعني: لا يقوم الدين إلا بها، وهي عماد الدين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة).

والشيء الذي هو قوام الدين وعماده هو أهم المهمات، فالصلاة أوجب الواجبات بعد توحيد الله عز وجل، والله تعالى عظمها في كتابه فوق جميع العبادات، ولها ميزة وخصوصية ليست لغيرها، فإنه سبحانه يخصها بالذكر تارة: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت:٤٥]، وتارة يقرنها بالزكاة: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة:٤٣]، وتارة يقرنها بالصبر: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ} [البقرة:٤٥]، وتارة يقرنها بالنسك وهو الذبح: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر:٢]، {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي} [الأنعام:١٦٢].

وتارة يفتتح بها أعمال البر ويختمها بها لعظم شأنها، فالله تعالى يذكر أعمال البر ويبدؤها بالصلاة ويختمها بالصلاة لعظم شأنها، قال الله تعالى: {إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ} [المعارج:١٩ - ٢٢]، ثم ذكر أوصافهم وافتتحها بالصلاة فقال: {الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ} [المعارج:٢٩]، إلى أن قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} [المعارج:٢٩ - ٣٤]، فختم الله أعمال البر بالصلاة، ثم قال سبحانه: {أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ} [المعارج:٣٥].

وقال في سورة المؤمنون: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون:١] والوصف الأول من أوصافهم الصلاة: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} [المؤمنون:٢ - ٩] ختمها بالصلاة، ثم قال: {أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المؤمنون:١٠ - ١١].

<<  <  ج: ص:  >  >>