للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرآن كلام الله لفظاً ومعنى

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [والقرآن كلام الله بحروفه ونظمه ومعانيه، كل ذلك يدخل في القرآن وفي كلام الله، وإعراب الحروف هو من تمام الحروف كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من قرأ القرآن فأعربه فله بكل حرف عشر حسنات)، وقال أبو بكر وعمر رضي الله عنهما: حفظ إعراب القرآن أحب إلينا من حفظ بعض حروفه.

] قوله: (القرآن كلام الله بحروفه ونظمه ومعانيه): فهذا هو الحق وهو معتقد أهل السنة والجماعة، خلافاً للمعتزلة والأشاعرة، فالمعتزلة يقولون: إن القرآن ليس بكلام الله لا لفظاً ولا معنى، ولكنه مخلوق من مخلوقات الله، وهذا كفر وضلال.

والأشاعرة يقولون: إن القرآن كلام الله معنى لا لفظاً، فالمعنى كلام الله، واللفظ ليس بكلام الله وإنما هو كلام جبريل أو كلام محمد، وهذا نصف مذهب المعتزلة، فالمعتزلة يقولون: إن القرآن مخلوق لفظه ومعناه، والأشاعرة يقولون: لفظه مخلوق ومعناه ليس بمخلوق، فالقرآن اسم للمعنى فقط، أما اللفظ فليس داخلاً في اسم القرآن.

وهنا رد المؤلف رحمه الله فقال: (القرآن كلام الله بحروفه ونظمه ومعانيه، كل ذلك يدخل في القرآن وفي كلام الله، وإعراب الحروف هو من تمام الحروف) كما في الحديث: (من قرأ القرآن فأعربه فله في كل حرف عشر حسنات)، يعني: إذا كان يوضحه ويقرؤه بترتيل وإخراج الحروف من مخارجها، بخلاف من يقرؤه وهو يتتعتع فيه، (فمن قرأ القرآن فأعربه وهو ماهر فيه فهو مع السفرة الكرام البررة، ومن قرأ القرآن وهو يتتعتع فيه وهو عليه شاق فله أجران)، كما في الحديث.

ولهذا قال: (وإعراب الحروف هو من تمام الحروف) فمن تمام الحروف: أنك تخرج الحروف من مخارجها، وتلتزم بأحكام التجويد التي وردت، والالتزام بأحكام التجويد سنة وليس بواجب، والقراءة المجودة أفضل من غيرها، وإذا قرأت القرآن ولم تلتزم بأحكام التجويد فلا بأس بشرط أن تخرج الحروف من مخارجها، ولا تسقط شيئاً من أجزاء الحروف، وأما قول الجزري: والأخذ بالتجويد حتم لازم من لم يجود القرآن آثم فليس بصحيح، وليس بآثم، بل هو سنة مستحبة؛ فالمطلوب والواجب: قراءة القرآن وإخراج الحروف من مخارجها، فإذا لم تسقط شيئاً من الحروف وأديتها كما هي فقد أديت ما عليك، أما كونك تجود وتلتزم بالمدود كالمد المتصل والمد المنفصل والإدغام بغنة والإدغام بغير غنة، والإخفاء والإظهار والإقلاب، فهذا من باب الكمال والأفضلية لا غير، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من قرأ القرآن فأعربه فله بكل حرف عشر حسنات).

وقال أبو بكر رضي الله عنه: حفظ إعراب القرآن أحب إلينا من حفظ بعض حروفه.

<<  <  ج: ص:  >  >>