للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كل يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [وذلك أن كل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله، لاسيما المتأخرون من الأمة الذين لم يحكموا معرفة الكتاب والسنة والفقه فيهما، ويميزوا بين صحيح الأحاديث وسقيمها، وناتج المقاييس وعقيمها مع ما ينضم إلى ذلك من غلبة الأهواء، وكثرة الآراء، وتغلظ الاختلاف والافتراق، وحصول العداوة والشقاق].

هذا من إنصاف المصنف رحمه الله، فقد أثنى عليهم وبين ما هم عليه من الدين والفضل والصلاح، ونقدهم في بيان أخطائهم، فيقول: إنه لا يضر أن يكون الإنسان عليه بعض الأخطاء وبعض الملحوظات اليسيرة إذا كان من أهل السنة والجماعة؛ لأنه ليس بمعصوم، ولا يفسق، لكن هذه الأخطاء تميز وتوضح، فكل أحد يغلط ولا يوجد أحد لا يغلط إلا النبي صلى الله عليه وسلم، فهو المعصوم، فكل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه المقالة معناها للإمام مالك رحمه الله، ثم ذكر أن الأخطاء تحصل من كل أحد ولاسيما المتأخرون؛ بسبب بعدهم عن آثار النبوة والرسالة، وبسبب كونهم لم يحكموا معرفة الكتاب والسنة، ولم يميزوا بين الصحيح والسقيم من الأحاديث، وينظم إلى ذلك غلبة الأهواء وكثرة الآراء، والاختلاف والافتراق، وحصول العداوة والشقاق؛ فلذلك يحصل منهم بعض الأخطاء، فتبين لأصحابها.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [فإن هذه الأسباب ونحوها مما يوجب قوة الجهل والظلم اللذين نعت الله بهما الإنسان في قوله: {وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب:٧٢]].

أي: أن هذه الأسباب توجب للإنسان الجهل والظلم في بعض الأحيان، وقد نعت الله بهما الإنسان في قوله تعالى: {وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب:٧٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>