وقوله رحمه الله:(هو للحمد أهل وهو على كل شيء قدير).
أي: الله سبحانه وتعالى للحمد أهل؛ لأنه هو الذي أوجدنا من عدم، وهو الذي خلقنا ولم نك شيئاً مذكوراً، ومن علينا بالنعم العظيمة وهدانا للإسلام، وأعطانا السمع والبصر والفؤاد، وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة، فهو أهل الحمد سبحانه وتعالى، وهو أهل التقوى وأهل المغفرة، وهو على كل شيء قدير، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، كل شيء هو داخل تحت قدرة الله تعالى، بخلاف المعتزلة فإنهم لا يقولون: وهو على كل شيء قدير، بل يقولون: وهو على ما يشاء قدير، فإذا وجدت في بعض الكتب وهو على ما يشاء قدير، فاعلم أن هذا يتمشى مع مذهب المعتزلة والقدرية؛ لأنهم يقولون: إن الله يقدر على ما يشاء، أما الذي لا يشاؤه فلا يقدر عليه، وهي الأفعال فأفعال العباد يخرجونها من قدرة الله ومشيئته.
ويقولون: إن العباد أرادوا أفعالهم من الكفر والإيمان والطاعة والمعصية وخلقوها استقلالاً من دون الله، والله ما أراد أفعال العباد، ولا شاءها ولا خلقها، بل العباد هم الذين أوجدوها بأنفسهم استقلالاً، وقصدهم من ذلك أن يفروا بزعمهم من القول بأن الله خلق المعاصي وعذب عليها فلا يكون ظالماً؛ لأنهم قالوا: لو قلنا: إن الله خلق المعاصي وعذب عليها كان ظالماً، وشراً من ذلك قولهم: إن العباد هم الذين خلقوا أفعالهم من طاعات ومعاصي مستقلين، وهذا من أبطل الباطل، ولذلك قال تعالى:{وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[المائدة:١٢٠] فكل ما يسمى شيئاً فالله عليه قدير، ولا يقال: ممتنع ومستحيل كالجمع بين النقيضين فيقال: هل يقدر الله على الجمع بين النقيضين، وهو كون الشيء موجوداً معدوماً في نفس الوقت أو لا؟ فهذا ليس بشيء؛ لأنه في نفسه متناقض، بعضه ينقض بعض فالممتنع والمستحيل لذاته لا يسمى شيئاً، فلا يقال: إنه داخل تحت القدرة أو ليس داخلاً؛ لأنه لا يسمى شيئاً.