قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقد أوجب الله على المسلمين أن يصلوا بحسب طاقتهم، كما قال الله تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن:١٦]، فعلى الرجل أن يصلي بطهارة كاملة وقراءة كاملة وركوع وسجود كامل، فإن كان عادماً للماء، أو يتضرر باستعماله لمرض أو برد أو غير ذلك وهو محدث أو جنب يتيمم الصعيد الطيب وهو التراب يمسح به وجهه ويديه ويصلي؛ ولا يؤخرها عن وقتها باتفاق العلماء].
المسلم يصلي بحسب طاقته، فيصلي قائماً، فإن عجز صلى قاعداً، فإن عجز صلى على جنبه لقول النبي صلى الله عليه وسلم لـ عمران بن حصين:(صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب).
يعني: على جنبه الأيمن.
زاد النسائي:(فإن لم تستطع فمستلقياً) بأن يستلقي ورجلاه إلى القبلة، وهذا من فضل الله تعالى وإحسانه، فالعاجز عن الوقوف يصلي قاعداً، والعاجز عن القعود يصلي على جنبه، والعاجز على صلاة الجنب يصلي مستلقياً.
وكذلك يجب على الإنسان أن يتوضأ، فإذا عجز عن استعمال الماء أو لم يجده انتقل إلى التيمم بالتراب فينوي ويسمي الله فيقول: باسم الله، ويضرب بيديه الأرض ضربة واحدة مفرجتي الأصابع فيسمح بهما وجهه، ثم يضرب بيديه الأرض مرة أخرى وجهه ويمسح يديه ظاهرهما وباطنهما إلى الكفين كما في حديث عمار، ولا يؤخرها عن وقتها باتفاق العلماء.
وبعض الناس إذا كان مريضاً في المستشفى لا يصلي، فإذا قلت له: يا فلان لماذا لم تصل؟ قال: يا أخي، إن ثيابي نجسة وفيها دماء ولا أستطيع، لكن إن شاء الله إذا خرجت من المستشفى تطهرت وصليت، فهذا غلط كبير يجب على الزائرين أن ينبهوا المرضى، فالصلاة لا تؤخر عن وقتها، فيجب عليه أن يصلي على حسب حاله، فإن كان لا يستطيع أن يتوضأ بنفسه يوضئه شخص آخر، وإن كان لا يستطيع الاستنجاء بالماء يستجمر بالمناديل أو الورق الخشنة ثم يتوضأ، فإن عجز يتيمم بالتراب للحدث الأكبر أو الأصغر، فإن عجز عن ذلك ييممه من حوله، فينوي ويضرب بيديه التراب ويمسح بهما وجهه ويديه، ويصلي الصلاة في وقتها ولا يعيد.
كذلك أيضاً يصلي على السرير، فإذا كان يستطيع التوجه إلى القبلة يتوجه، وإذا لم يستطع فيصلي على حسب حاله، قال الله تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن:١٦] ويقول النبي صلى الله عليه وسلم لـ عمران: (صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب).
ولا يؤخر الصلاة عن وقتها بحجة أنه إذا خرج من المستشفى فإنه سيصلي، فقد يموت ويترك الصلاة.
فهذا الأمر ينبغي لطلبة العلم أن ينبهوا المرضى عليه، أنه يجب على المريض أن يصلي على حسب حاله إذا كان العقل معه، وما عجز عنه يسقط، أما إذا فقد العقل ارتفع التكليف، إلا إذا كان في غيبوبة مثلاً لمدة يوم أو يومين أو ثلاثة أيام أو أكثر، فإنه يقضي الصلاة في هذه المدة، أما إذا طالت الغيبوبة وفقدان الشعور لمدة أسبوع أو أسبوعين فيعتبر كالمجنون وكالنائم والمغمى عليه مدة طويلة فيسقط عنه التكليف فلا يجب عليه القضاء.