للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أصناف الحلولية والاتحادية]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وهؤلاء قد يسمون الحلولية والاتحادية، وهم صنفان: قوم يخصونه بالحلول أو الاتحاد في بعض الأشياء، كما يقوله النصارى في المسيح عليه السلام، والغالية في علي رضي الله عنه ونحوه.

وقوم في أنواع من المشايخ، وقوم في بعض الملوك، وقوم في بعض الصور الجميلة، إلى غير ذلك من الأقوال التي هي شر من مقالة النصارى.

وصنف يعممون فيقولون بحلوله أو اتحاده في جميع الموجودات حتى الكلاب والخنازير والنجاسات وغيرها كما يقول ذلك قوم من الجهمية ومن تبعهم من الاتحادية كأصحاب ابن عربي وابن سبعين وابن الفارض والتلمساني والبلياني وغيرهم].

ذكر المؤلف رحمه الله فيما سبق: أن من الناس من يضل فيُجوِّز أن يرى ربه في الدنيا في صورة البشر، كهؤلاء الضلال الذين يعتقدون ذلك، وذكر أن هؤلاء يسمون بالحلولية والاتحادية، ثم بين رحمه الله أن الحلولية والاتحادية صنفان: الصنف الأول: قوم يخصونه بالحلول أو الاتحاد في بعض الأشياء، والصنف الثاني: يعممون القول بالحلول والاتحاد، ومعنى الحلول: هو قولهم: إن الله حل في بعض الناس والعياذ بالله! وهذا كفر وضلال.

والاتحادية يقولون: اتحد الله مع بعض الناس وصار معهم شيئاً واحداً، فالاتحادية يقولون: الوجود واحد، فالعبد هو الرب والرب هو العبد، فقد اتحدا، يعني: صارا شيئاً واحداً، فلا فرق بين العبد والرب، فالعبد هو الرب والرب هو العبد، وممن يقول بهذا ابن عربي.

فالصنف الأول: قوم يخصونه بالحلول والاتحاد في بعض الأشياء لا في جميع المخلوقات، وقوم يعممون في جميع المخلوقات، فيقولون: الله حل في كل المخلوقات، والعياذ بالله! إذاً: فالذين يعممون يقولون: ليس في الوجود إلا الله، فالله هو العبد والعبد هو الله، والرب هو العبد والعبد هو الرب، ولا يوجد وجودان، وإنما هو وجود واحد، فهذا الوجود الذي تراه هو الخالق وهو المخلوق، فأنت الرب وأنت العبد! فهؤلاء يعممون الوجود، وهناك طائفة أخرى يخصصون، فيقولون: الله حل في بعض الأشياء لا في جميعها، كما يقول النصارى في المسيح عليه السلام، فالنصارى يقولون: إن الله حل في المسيح عليه الصلاة والسلام فقط ولم يحل في غيره، ويقولون: إن المسيح هو الله -والعياذ بالله-، أو ابن الله، أو ثالث ثلاثة.

وكذلك الغالية من الرافضة الذين يقولون: إن الله حل في علي، ويقولون: علي هو الإله، والله حل فيه ولم يحل في غيره.

وكذلك هناك قوم يخصون الحلول في أنواع من المشايخ، يعني: مشايخ الصوفية، فبعضهم يقول: إن الله حل في بعض شيوخ الصوفية.

وهناك قوم يخصون ويقولون: إن الله حل في بعض الملوك، وقوم يقولون: إن الله حل في بعض الصور الجميلة، إلى غير ذلك من الأقوال التي هي شر من مقالة النصارى، ولا شك أن هذه الأقوال شر من مقالة النصارى؛ لأن النصارى خصصوا الله بالمسيح، وهؤلاء جعلوه في أنواع من مشايخ الصوفية.

والصنف الثاني يعممون فيقولون بحلوله أو اتحاده في جميع الموجودات، ويقولون: الله حل في جميع الموجودات واتحد مع جميع الموجودات، بحيث إن كل مخلوق هو الله؛ لأنه اتحد به، يقول المؤلف: حتى الكلاب والخنازير والنجاسات، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.

ويقولون: إن الله حل في أجواف الطيور وبطون السباع، كما يقول ذلك قوم من الجهمية ومن تبعهم من الاتحادية، كأصحاب ابن عربي، وابن عربي هذا هو محمد محيي الدين بن عربي وهو رئيس الاتحادية -والعياذ بالله-، وكذلك ابن سبعين وابن الفارض وكلهم من الاتحادية، وهكذا التلمساني والبلياني وغيرهم، وهؤلاء من أكفر خلق الله.

فإن قيل: أيهما أشد كفراً الحولية أم الاتحادية؟ وهل الحلولية والاتحادية شيء واحد أو شيئان؟ ف

الجواب

أن بعضهم يرى أن المعنى واحد، وأن القول بالحلول والاتحاد واحد، ويرى آخرون أن الحلولية والاتحادية صنفان، فالحلولية هم الذين يقولون: إن الله حل في بعض المخلوقات، فيقولون: بوحدة الاثنين؛ أحدهما حل في الآخر، والاتحادية أعظم كفراً فيقولون: اتحد الخالق بالمخلوق، فليس هناك تعدد فالوجود واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>