فإذا كان الذي يقول: إن الله حل في المسيح والمسيح وجيه نبي كريم يكون كافراً، والله كفره وعظم كفره، فكيف بالذي يقول: إن الله حل في شخص من الأشخاص غير المسيح؟! لا شك أنه يكون كفره أعظم وأعظم.
ولهذا قال المؤلف: فكيف بمن يزعم في شخص من الأشخاص أنه هو؟ يعني: أنه الله، فهذا أكفر من الغالية الذين يزعمون أن علياً رضي الله عنه أو غيره من أهل البيت هو الله، وغلاة الشيعة والرافضة يقولون: إن الله حل في علي وإن علياً هو الإله، فهؤلاء كفرة ملاحدة، وهؤلاء هم الزنادقة الذين حرقهم علي رضي الله عنه بالنار، وهم أتباع عبد الله بن سبأ الذين غلو في علي، وقالوا: إن علياً هو الله.
فلما رأى ذلك علي رضي الله عنه أنكر عليهم وأمر بأخاديد خدت لهم عند باب كندة، وجعل فيها الحطب وأضرمها ناراً، ثم قذفهم فيها، ولم يقتلهم بالسيف بل حرقهم بالنار؛ لشدة غضبه عليهم وغيظه منهم، وقال لمولاه: لما رأيت الأمر أمراً منكراً أججت ناري ودعوت قنبراً فلما عذبهم بالنار زادوا في عبادته وسجدوا له، وقالوا: هذا هو الله الذي يعذب بالنار! نعوذ بالله، والصحابة جميعاً اتفقوا على أنهم يستحقون القتل، إلا أن ابن عباس خالف علياً في كيفية القتل، فكان مذهب ابن عباس أن يقتلوا بالسيف بلا تحريق وهو قول أكثر العلماء، وقصتهم معروفة عند العلماء؛ وابن عباس استدل بحديث:(لا يعذب بالنار إلا رب النار)، وهذا هو الصواب، لكن علياً رضي الله عنه لم يقتلهم بالسيف من شدة غضبه عليهم، أو لأنه خفي عليه النص الذي فيه:(أنه لا يحرق بالنار إلا رب النار).
وكذلك أبو بكر رضي الله عنه وخالد بن الوليد في قتاله لأهل الردة حرق بعضهم بالنار، فلعله خفي عليهم النص، وإلا فقد ثبت في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإحراق رجلين بالنار، ثم دعاهما فقال:(اقتلوهما بالسيف ولا تعذبوهما بالنار؛ فلا يعذب بالنار إلا رب النار)، أو كما قال عليه الصلاة والسلام.