وهذه النصوص استدل بها بعض العلماء على تكفير الخوارج، وقالوا: إن هذه الأدلة صريحة في كفرهم، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية)، والذي يمرق من الشيء فإنه يخرج منه، فدل ذلك على كفرهم.
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتالهم فقال:(أينما لقيتموهم فاقتلوهم؛ فإن في قتلهم أجراً عند الله لمن قتلهم)، ثم شبههم بعاد، فقال:(لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد)، وعاد قوم هود قوم كفار، فدل على كفرهم.
ومما احتجوا به أيضاً ما جاء في رواية:(يمرقون من الإسلام ثم لا يعودون إليه).
وذهب الجمهور إلى أنهم مبتدعة وليسوا كفاراً، وقالوا: إنهم متأولون، وفرق بين المتأول والجاحد، فالجاحد يكفر والمتأول لا يكفر، وهذه النصوص تدل على فسقهم وبدعتهم ولا تدل على كفرهم، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث قال: إن هذا هو حكم الصحابة عليهم، فالصحابة حكموا عليهم بأنهم مبتدعة ولم يحكموا عليهم بالكفر.
واحتجوا بقول علي رضي الله عنه لما سئل عنهم: أكفار هم؟ قال: لا، من الكفر فروا.
والقول بتكفيرهم قول قوي؛ لأن النصوص صريحة بتكفيرهم، وإن كان الجمهور يرون أنهم مبتدعة.
قال المصنف رحمه الله تعالى:[وهؤلاء لما خرجوا في خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قاتلهم هو وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وتحضيضه على قتالهم، واتفق على قتالهم جميع أئمة الإسلام].
أي: أن هؤلاء الخوارج لما خرجوا في خلافة علي رضي الله عنه قاتلهم هو والصحابة رضي الله عنهم؛ عملاً بالنصوص التي فيها الحض على قتالهم، كما سبق في الأدلة:(فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم عند الله) وقوله: (لئن لقيتهم لأقتلنهم قتل عاد)، فاتفق على قتالهم جميع أئمة الإسلام.