للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[موقف السلف ممن يدعو إلى التفرقة والاختلاف والانتساب إلى الأشخاص والجماعات]

قال المؤلف رحمه الله تعالى [وَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ معاوية بن أبي سفيان أَنَّهُ سَأَلَ عبد الله بن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقَالَ: أَنْتَ عَلَى مِلَّةِ علي أَوْ مِلَّةِ عثمان؟ فَقَالَ: لَسْتُ عَلَى مِلَّةِ علي وَلَا عَلَى مِلَّةِ عثمان، بَلْ أَنَا عَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ] انظر إلى البصيرة عند ابن عباس حبر هذه الأمة، فقد دعا له النبي صلى الله عليه وسلم بأن يفقهه في الدين وأن يعلمه التأويل، وقال: (اللهم فقه في الدين، وعلمه التأويل)، فـ معاوية لما سأل عبد الله بن عباس قال له: أنت على ملة علي أو ملة عثمان؟ قال: لست على ملة علي ولا على ملة عثمان، بل أنا على ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني: علي ليس معصوماً وعثمان ليس معصوماً فكلاهما يخطئ ويصيب، وكل الصحابة يخطئ ويصيب، لكن النبي صلى الله عليه وسلم هو المعصوم عن الخطأ فيما يبلغ عن الله، قال عز وجل: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم:٣]، وملة رسول الله صلى الله عليه وسلم هي المعصومة، فأنا على ملة الرسول صلى الله عليه وسلم.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وَكَذَلِكَ كَانَ كُلٌّ السَّلَفِ يَقُولُونَ: كُلُّ هَذِهِ الْأَهْوَاءِ فِي النَّارِ، وَيَقُولُ أَحَدُهُمْ: مَا أُبَالِي أَيُّ النِّعْمَتَيْنِ أَعْظَمُ؟ عَلَى أَنْ هَدَانِي اللَّهُ لِلْإِسْلَامِ، أَوْ أَنْ جَنَّبَنِي هَذِهِ الْأَهْوَاءَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى قَدْ سَمَّانَا فِي الْقُرْآنِ الْمُسْلِمِينَ الْمُؤْمِنِينَ عِبَادَ اللَّهِ، فَلَا نَعْدِلُ عَنْ الْأَسْمَاءِ الَّتِي سَمَّانَا اللَّهُ بِهَا إلَى أَسْمَاءٍ أَحْدَثَهَا قَوْمٌ -وَسَمَّوْهَا هُمْ وَآبَاؤُهُمْ- مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ.

] يقول المؤلف: (وكذلك كان كل السلف يقولون: كل هذه الأهواء في النار) المراد بالأهواء البدع، فهذه الأهواء في النار، (ويقول أحدهم: ما أبالي أي النعمتين أعظم؟ أن هداني الله للإسلام، أو أن جنبني هذه الأهواء) يعني: كلاهما نعمتان، النعمة الأولى: أن هداك الله للإسلام، والنعمة الثانية: أن جنبك الله البدع، وجنبك هذه الأهواء.

ثم يقول المؤلف رحمه الله: (وَاَللَّهُ تَعَالَى قَدْ سَمَّانَا فِي الْقُرْآنِ الْمُسْلِمِينَ الْمُؤْمِنِينَ عِبَادَ اللَّهِ، فَلَا نَعْدِلُ عَنْ الْأَسْمَاءِ الَّتِي سَمَّانَا اللَّهُ بِهَا إلَى أَسْمَاءٍ أَحْدَثَهَا قَوْمٌ -وَسَمَّوْهَا هُمْ وَآبَاؤُهُمْ- مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ) فإذا قيل لك: ما أنت؟ فقل: أنا مسلم أنا مؤمن أنا من عباد الله، أنا من أهل السنة والجماعة، فإذا قال: أنت سروري؟ أنت سلفي؟ أنت إخواني؟ أنت من جماعة الهجرة والتكفير؟ إن قلت أنا سروري، قال: أنت فيك كذا وكذا وكذا، وإن قلت: أنا إخواني، قال فيك: أنت كذا وكذا وكذا، وأنت تغلو في الحاكمية وتترك العبادة وهكذا، وصار الجدال بينك وبينه، فالأسلم لك والأفضل أن تقول: لست سرورياً ولا إخوانياً، ولا من جماعة التكفير والهجرة، بل أنا مسلم من المسلمين المؤمنين من عباد الله، من أهل السنة والجماعة.

فتقطع عليه الطريق وتقطع الجدال بينك وبينه، وتنتهي الخصومة وتشتغل بما ينفعك، وتقول: هذه أسماء ما أنزل الله بها من سلطان، وليس لها أصل في الكتاب والسنة، فأنا لا أعترف بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>