قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وفي الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر).
وفي الصحاح أيضاً أنه قال:(المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً، وشبك بين أصابعه).
وفي الصحاح أيضاً أنه قال:(والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
وقال صلى الله عليه وسلم:(المسلم أخو المسلم، لا يسلمه ولا يظلمه).
وأمثال هذه النصوص في الكتاب والسنة كثيرة].
سرد المؤلف رحمه الله الأدلة من الكتاب على أن المؤمن ولي أخيه المؤمن ينصره ويتولاه، ثم سرد الأدلة من السنة المطهرة، وقوله: في الصحاح، يعني: من الأحاديث الصحيحة التي وردت في الصحيحين وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)، فإذا آلمك عضوك تألم الجسم كله فينبغي كذلك أنه إذا تألم مؤمن يتألم المؤمنون كلهم؛ لأنهم كالجسد الواحد، والأمة الإسلامية جسد واحد، يعني: يشترك أفرادها في السراء والضراء، في الآلام والآمال، فما يحزن أخاك يجب أن يحزنك وما يؤلمه يؤلمك، وما يفرحه يفرحك، هكذا يكون الإيمان التام.
وفي الصحاح أيضاً أنه قال:(المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً وشبك بين أصابعه).
وفي الصحاح أيضاً أنه قال:(والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) وهذا حديث عظيم، فلو تدبر وفكر الإنسان في هذا الحديث وطبقه على نفسه فلن يجد حسداً ولا عداوات ولا خصومات ولا نزاعاً بين الناس، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم:(لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، في أمور الدين وفي أمور الدنيا، فأنت تحب لنفسك أن يوفقك الله للعلم النافع والعمل الصالح، وأن تكون من المحافظين على الصلوات الخمس، ومن المؤدين للواجبات، ومن المنتهين عن المحرمات، فأنت تحب هذا، فيجب أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك، فأنت تحب لنفسك من الدنيا أن يرزقك الله مالاً حلالاً فيجب أن تحب لأخيك هذا، وتحب أن يرزقك الله زوجة صالحة فتحب لأخيك مثله، فإذا كنت تحب لنفسك الخير ولا تحبه لأخيك فأنت لم تأتِ بالإيمان الكامل، بل إيمانك ناقص، فإذا كنت تحب لنفسك شيئاً ولا تحبه لأخيك في أمر الدين أو في أمر الدنيا فاعلم أن إيمانك ناقص ولم تؤدِ الإيمان الواجب يقول النبي صلى الله عليه وسلم:(لا يؤمن أحدكم)، وليس هذا من باب الاستحباب بل (لا يؤمن أحدكم) يعني الإيمان الكامل، وهذا واجب وليس مستحباً.
فإذا كنت تحب لنفسك أن يوفقك الله للعلم فيجب أن تحبه لأخيك، فإن لم تحبه لأخيك فإنك لم تأت بالإيمان الواجب، وإيمانك ناقص وعليك أن تحاسب نفسك وتراجعها.
وقال صلى الله عليه وسلم:(المسلم أخو المسلم، لا يكذبه ولا يظلمه)، وفي لفظ له:(المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه).
لا تظلمه لا في مال، ولا في أي أمر من أمور الدنيا، ولا تسلمه للعدو بل تدافع عنه، ولا تخذله.