[التحذير من الغلو في الصالحين]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وكذلك الغلو في بعض المشايخ، إما في الشيخ عدي ويونس القني أو الحلاج وغيرهم].
يونس القني هو يونس بن يوسف بن مساعد الشيباني المخارقي الجزري القني الزاهد.
قال الذهبي في السير: أحد الأعلام، شيخ اليونسية أولي الزعارة والشطح.
والقني نسبه إلى قرية القنية، والقنية قرية من أعمال دارا من نواحي ماردين.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [بل الغلو في علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ونحوه بل الغلو في المسيح عليه السلام ونحوه.
فكل من غلا في حي أو في رجل صالح كمثل علي رضي الله عنه أو عدي أو نحوه، أو فيمن يُعتقد فيه الصلاح كـ الحلاج أو الحاكم الذي كان بمصر أو يونس القني ونحوهم وجعل فيه نوعاً من الإلهية مثل أن يقول: كل رزق لا يرزقنيه الشيخ فلان ما أريده، أو يقول إذا ذبح شاة: باسم سيدي، أو يعبده بالسجود له أو لغيره، أو يدعوه من دون الله مثل أن يقول: يا سيدي فلان! اغفر لي، أو ارحمني، أو انصرني، أو ارزقني، أو أغثني، أو أجرني، أو توكلت عليك، أو أنت حسبي، أو أنا في حسبك أو نحو هذه الأقوال والأفعال التي هي من خصائص الربوبية التي لا تصلح إلا لله تعالى، فكل هذا شرك وضلال يستتاب صاحبه فإن تاب وإلا قتل، فإن الله إنما أرسل الرسل وأنزل الكتب لنعبد الله وحده لا شريك له، ولا نجعل مع الله إلهاً آخر].
هذا الفصل الثاني بين فيه المؤلف رحمه الله حكم الغلو في الأحياء والأموات، فقال: وكذلك الغلو في بعض المشايخ فمن غلا في بعض المشايخ وجعل فيه نوعاً من الإلهية فإنه مشرك كافر مرتد، والعياذ بالله.
وسواء كان هذا الغلو في بعض العلماء كالشيخ عدي بن مسافر الذي وجه المؤلف له هذه الرسالة، أو يونس القني، أو الحلاج الذي قتل، أو الغلو في علي رضي الله عنه، أو الغلو في المسيح عيسى ابن مريم، أو غيرهم؛ فكل من غلا في حي، أو ميت، أو في رجل صالح كمثل علي، أو عدي، أو فيمن اعتقدوا فيه الصلاح كـ الحلاج، أو الذي كان بمصر هو الحاكم بن عبيد أو يونس القني وجعل فيه نوعاً من الإلهية فإنه يكون كافراً مرتداً، فيستتاب فإن تاب وإلا قتل كافراً؛ لأن هذا مصادم لدين الله، ومصادم للتوحيد الذي بعث الله به رسله.
ومن الصور التي يجعل فيها للصالح نوع من الإلهية أن يدعوه من دون الله فيطلب منه الرزق، أو يقول: كل رزق لا يرزقنيه الشيخ فلان ما أريده، فإنه بهذا اعتقد أنه هو الذي يرزق، قال الله تعالى عن إبراهيم: {وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [العنكبوت:١٦ - ١٧].
فمن اعتقد في شخص أنه هو الذي يرزق ويقول: كل رزق لا يرزقنيه شيخ الصوفية فلان أو شيخ الطريقة فلان ما أريده فهذا يكون كافراً، وهذا من الغلو، فيكون مشركاً، فهو يعتقد أن فلاناً يرزق، وهذا نوع من الإلهية، وهو شرك يستتاب منه فإن تاب وإلا قتل، وهكذا إذا ذبح شاة وقال: باسم سيدي فلان، فهذا أشرك بالله لأنه ذكر عليها اسم السيد، قال تعالى: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام:١٢١]، أو يعبده من دون الله ويسجد له، فإنه يكفر بسجوده؛ لأن السجود عبادة.
أو يدعوه من دون الله فيقول: يا سيدي فلان فرج كربتي، أو يا سيدي فلان اغفر لي، أو يا سيدي فلان ارحمني، أو يا سيدي فلان استرني أو يا سيدي فلان ارزقني، أو يا سيدي فلان أغثني، أو يا سيدي فلان أجرني، أو يقول: توكلت عليك، أو أنت حسبي، أو أنا في حسبك، أو نحو هذه الأقوال والأفعال التي هي من خصائص الربوبية التي لا تصلح إلا لله.
فكل هذا شرك وضلال يستتاب صاحبه فإن تاب وإلا قتل؛ لأن هذا مصادم للأمر الذي خلق الله الخلق من أجله، وبعث لأجله الرسل، وأنزل لأجله الكتب؛ ولهذا قال المؤلف: فإن الله إنما أرسل الرسل وأنزل الكتب لنعبد الله وحده لا شريك له، ولا نجعل معه إلهاً آخر.