للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معنى (محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً)

قوله رحمه الله تعالى: (وأعظمهم عنده درجة محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً).

ألهم الله أهل محمد صلى الله عليه وسلم أن يسموه محمداً، لكثرة خصاله الحميدة التي يحمد عليها، وهو عبد الله ورسوله، وأشرف مقامات النبي صلى الله عليه وسلم العبودية الخاصة والرسالة، والعبودية تنقسم إلى قسمين: عبودية عامة، وعبودية خاصة، فالعبودية العامة تشمل جميع المخلوقات أي: أنها مربوبة مسيرة، تنفذ فيها قدرة الله ومشيئته وإرادته، فجميع المخلوقات في السماوات والأرض عبيد لله، قال الله سبحانه: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا} [مريم:٩٣].

أما العبودية الخاصة فهي خاصة بالمؤمنين الموحدين الذين يعبدون الله طوعاً باختيارهم فيصلون ويصومون ويحجون ويزكون فالعبودية الخاصة تقتصر على الطوع والاختيار، أما العبودية العامة فليس فيها اختيار، فالعبد فيها مربوب شاء ذلك أم أبى، وتنفذ فيه قدرة الله، فإذا نزل به المرض أو الموت أو الفقر فإنه لا يستطيع دفع ذلك.

قوله رحمه الله تعالى: (وعلى آله).

اختلف العلماء في معنى الآل، وأصح ما قيل فيه: إن المراد بآله أتباعه على دينه، فيدخل في ذلك دخولاً أولياً أهل بيته وذريتهم المؤمنون، وزوجاته وصحابته.

وقوله رحمه الله تعالى: (وصحبه).

هذا تخصيص لهم، فكأنه سأل الله أن يصلي على الصحابة مرتين: مرة بالعموم لدخولهم في الآل، ومرة بالخصوص، والصحابي: هو الذي لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً ومات على الإسلام، ولو تخللت ردة على الأصح، فلو ارتد ثم أسلم، ومات على الإسلام فلا يضر الصحبة، وتثبت له أعماله فلا تحبط بخلاف ما إذا ارتد والعياذ بالله، ثم مات على الردة فإنه تبطل صحبته وتحبط جميع أعماله، قال سبحانه: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة:٢١٧].

وقوله رحمه الله: (وسلم تسليماً كثيراً) هذا مصدر للتأكيد، ثم وصف بقوله: كثيراً.

وقوله رحمه الله: (أما بعد) هذه الكلمة قالها المؤلف رحمه الله لأنه دخل في صلب الموضوع، بخلاف الكلمة الأولى فإنه قال: وبعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>