للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَّا امْرَأَتَكَ [هود: ٨١].

فحاصله: تدغم الدال فى التاء تحرّك ما قبلها أو سكن، وفى البواقى إذا انضمت أو انكسرت مطلقا أو انفتحت وتحرك ما قبلها.

وأقسام المدغمة بالنسبة لما قبلها ثلاثة:

الأول (١): ما لاقته بعد متحرك وساكن وهو أربعة:


الجملة، والذى قاله النحاة مما لم يتوجه عليه العامل من حيث المعنى نحو: ما زاد إلا ما نقص، وما نفع إلا ما ضر، وهذا ليس من ذاك، فكيف يعترض به على أبى شامة؟!».
وأما النصب ففيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه مستثنى من «بأهلك»، واستشكلوا عليه إشكالا من حيث المعنى: وهو أنه يلزم ألا يكون سرى بها، لكن الفرض أنه سرى بها، يدل عليه أنها التفتت، ولو لم تكن معهم لما حسن الإخبار عنها بالالتفات، فالالتفات يدل على كونها سرت معهم قطعا.
وقد أجيب عنه بأنه لم يسر هو بها، ولكن لما سرى هو وبنتاه تبعتهم فالتفتت، ويؤيد أنه استثناء من الأهل ما قرأ به عبد الله وسقط من مصحفه: فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ إِلَّا امْرَأَتَكَ ولم يذكر قوله: وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ.
والثانى: أنه مستثنى من «أحد» وإن كان الأحسن الرفع، إلا أنه جاء كقراءة ابن عامر: ما فعلوا إلا قليلا منهم [النساء: ٦٦]، بالنصب مع تقدم النفى الصريح.
والثالث: أنه مستثنى منقطع على ما تقدم عن أبى شامة.
وقال الزمخشرى: «وفى إخراجها مع أهله روايتان، روى أنه أخرجها معهم، وأمر ألا يلتفت منهم أحد إلا هى، فلما سمعت هدّة العذاب التفتت وقالت: يا قوماه، فأدركها حجر فقتلها، وروى أنه أمر بأن يخلّفها مع قومها فإن هواها إليهم ولم يسر بها، واختلاف القراءتين؛ لاختلاف الروايتين».
قال أبو حيان: «وهذا وهم فاحش؛ إذ بنى القراءتين على اختلاف الروايتين من أنه سرى بها أو لم يسر بها، وهذا تكاذب فى الإخبار، يستحيل أن تكون القراءتان- وهما من كلام الله تعالى- تترتبان على التكاذب».
قال شهاب الدين: «وحاش لله أن تترتب القراءتان على التكاذب، ولكن ما قاله الزمخشرى صحيح، [إذ] الفرض أنه قد جاء القولان فى التفسير، ولا يلزم من ذلك التكاذب؛ لأن من قال إنه سرى بها، يعنى أنها سرت هى بنفسها مصاحبة لهم فى أوائل الأمر، ثم أخذها العذاب فانقطع سراها، ومن قال: إنه لم يسر بها، أى: لم يأمرها، ولم يأخذها، وأنه لم يدم سراها معهم بل انقطع؛ فصح أن يقال: إنه سرى بها ولم يسر بها، وقد أجاب الناس بهذا، وهو حسن».
وقال أبو شامة: «ووقع لى فى تصحيح ما أعربه النحاة معنى حسن، وذلك أن يكون فى الكلام اختصار نبه عليه اختلاف القراءتين؛ فكأنه قيل: فأسر بأهلك إلا امرأتك، وكذا روى أبو عبيد وغيره أنها فى مصحف عبد الله هكذا، وليس فيها: «ولا يلتفت منكم أحد»، فهذا دليل على استثنائها من السرى بهم، ثم كأنه سبحانه وتعالى قال: فإن خرجت معكم وتبعتكم- غير أن تكون أنت سريت بها- فانه أهلك عن الالتفات غيرها؛ فإنها ستلتفت فيصيبها ما أصاب قومها، فكانت قراءة النصب دالة على المعنى المتقدم، وقراءة الرفع دالة على المعنى المتأخر، ومجموعهما دال على جملة المعنى المشروح». وهو كلام حسن شاهد لما ذكرته. ينظر: اللباب: (١٠/ ٥٣٧ - ٥٤٠).
(١) فى م: الأولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>