للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن تحصيل العلم، وركون النفس لها (١) أكثر من ركونها لتحصيله، وقد (٢) قال بعض أهل الفضل: «أود لو قطعت يد الطالب إذا نسخ، فأما شىء يسير فلا بأس به»، وكذا (٣) إذا دعاه إلى ذلك قلة ما بيده من الدنيا.

وينبغى ألا يمنع عارية كتاب لأهله؛ فقد (٤) ذمه (٥) السلف والخلف ذمّا كثيرا.

قال الزهرى (٦): «إياك وغلول الكتب» (٧) وهو حبسها عن أصحابها، وعن الفضيل (٨):

«ليس من أهل الورع ولا من أفعال (٩) الحكماء أن يأخذ سماع رجل وكتابه (١٠) فيحبسه عنه».

وقال رجل لأبى العتاهية (١١): أعرنى كتابك فقال: إنى أكره ذلك؛ فقال: أما علمت أن المكارم موصولة بالمكاره؟ فأعاره (١٢).


(١) فى ص: لهذا.
(٢) فى م، ز: به.
(٣) فى م: وكذلك.
(٤) فى د، ص: وقد.
(٥) فى م: قال.
(٦) فى د: الزبيرى. والزهرى هو محمد بن مسلم بن عبد الله بن شهاب. من بنى زهرة، من قريش.
تابعى من كبار الحفاظ والفقهاء. مدنى سكن الشام. هو أول من دون الأحاديث النبوية. ودون معها فقه الصحابة. قال أبو داود: جميع حديث الزهرى مائتان وألفا حديث. أخذ عن بعض الصحابة.
وأخذ عنه مالك بن أنس وطبقته. توفى سنة ١٢٤ هـ. ينظر تهذيب التهذيب (٩/ ٤٤٥ - ٤٥١)، وتذكرة الحفاظ (١/ ١٠٢)، والوفيات (١/ ٤٥١)، والأعلام للزركلى (٧/ ٣١٧).
(٧) أخرجه الخطيب فى الجامع (١/ ٣٧٣).
(٨) هو الفضيل بن عياض بن مسعود التميمى اليربوعى، أبو على، شيخ الحرم المكى، من أكابر العباد الصلحاء كان ثقة فى الحديث، أخذ عنه خلق منهم: الإمام الشافعى. ولد فى سمرقند ونشأ بأبيورد ودخل الكوفة وأصله منها ثم سكن وتوفى بها. ينظر الأعلام (٥/ ١٥٣).
(٩) فى ز: فعال.
(١٠) فى م: أو كتابه.
(١١) فى م: من أصحاب أبى العتاهية. وهو إسماعيل بن القاسم بن سويد العينى، العنزى- من قبيلة عنزة- بالولاء، أبو إسحاق الشهير بأبى العتاهية: شاعر مكثر، سريع الخاطر، فى شعره إبداع. كان ينظم المائة والمائة والخمسين بيتا فى اليوم، حتى لم يكن للإحاطة بجميع شعره من سبيل. وهو يعد من مقدمى المولدين، من طبقة بشار وأبى نواس وأمثالهما. جمع الإمام يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمرى القرطبى ما وجد من زهدياته وشعره فى الحكمة والعظة، وما جرى مجرى الأمثال، فى مجلد، منه مخطوطة حديثة فى دار الكتب بمصر، اطلع عليها أحد الآباء اليسوعيين فنسخها ورتبها على الحروف وشرح بعض مفرداتها، وسماها «الأنوار الزاهية فى ديوان أبى العتاهية- ط» وكان يجيد القول فى الزهد والمديح وأكثر أنواع الشعر فى عصره. ولد فى «عين التمر» بقرب الكوفة، ونشأ فى الكوفة، وسكن بغداد. وكان فى بدء أمره يبيع الجرار فقيل له «الجرار» ثم اتصل بالخلفاء وعلت مكانته عندهم. وهجر الشعر مدة، فبلغ ذلك المهدى العباسى، فسجنه ثم أحضره إليه وهدده بالقتل أو يقول الشعر! فعاد إلى نظمه، فأطلقه. وأخباره كثيرة. توفى فى بغداد سنة ٢١١ هـ. ينظر الأعلام (١/ ٣٢١) والأغانى (٤/ ١) وتاريخ بغداد (٦/ ٢٥٠) ووفيات الأعيان (١/ ٧١).
(١٢) قال النووى فى المجموع (١/ ٧١): وقد جاء فى ذم الإبطاء برد الكتب المستعارة عن السلف أشياء كثيرة

<<  <  ج: ص:  >  >>