الإسلام ديناً ". أكان الله صادقاً في إكماله أم أنت الصادق في نقصانه، فلا يكون كاملاً حتى يقال فيه بمقالتك هذه، فيكون كاملاً.
فسكت ابن أبي دؤاد فقال الشيخ: أجب يا احمد، فلم يجبه، فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين، قل: اثنتان.
فقال: اثنتان. فقال الشيخ: يا احمد أخبرني عن مقالتك هذه أعلمها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أم جهلها.؟ فقال ابن أبي دؤاد: علمها. فقال: أفدعا الناس إليها؟ فسكت ابن أبي دؤاد. فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين قل: ثلاثة.
فقال الواثق: ثلاثة. فقال الشيخ: يا أحمد، أفاتسع لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما زعمت، ولم يطالب أمته بها؟ قال: نعم: فقال الشيخ: واتسع لأبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم؟ فقال ابن أبي دؤاد: نعم. فأعرض الشيخ عنه وأقبل على الواثق، فقال: يا أمير المؤمنين، قد قدمت أن أحمد يقل ويصغر ويضعف عن المناظرة، يا أمير المؤمنين ألم يتسع لك من الإمساك عن هذه المقالة ما اتسع لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، فلا وسع الله على من لم يتسع له منا ما اتسع لهم من ذلك.
فقال الواثق: نعم إن لم يتسع لنا من الإمساك عن هذه المقالة ما اتسع لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولأبي بكر وعمر عثمان وعلي رضي الله عنهم، فلا وسع الله علينا، ثم قال: اقطعوا قيد الشيخ. فلما قطع ضرب الشيخ بيده فأخذ القيد فوضعه في كمه، فقال الواثق: لم فعلت هذا؟ فقال الشيخ: لأني نويت أن أقدم إلى من أوصي إليه إذا مت، أن يجعله بيني وبين كفني، حتى أخصم به هذا الظالم عند الله عز وجل يوم القيامة، وأقول: يا رب سل عبدك هذا لم قيدني وروع أهلي وولدي وإخواني بلا حق أوجب ذلك علي.
وبكى الشيخ وبكى الواثق وبكينا، ثم سأله الواثق أن يجعله في حل وسعة مما ناله منه، فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين لقد جعلتك في حل وسعة من أول يوم إكراماً لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إذ أنت رجل من أهله.