للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحديث عبادة وسبب النزول مخصص لعموم الآية في وعيد الآخرة فقط، وأما باقي الآية فهي على عمومها.

قال الحافظ ابن كثير: "والصحيح أنَّ هذه الآية عامة في المشركين وغيرهم ممن ارتكب هذه الصفات". (١) يعني في إقامة الحد عليهم.

ويؤيد هذا الاختيار:

١ - أنَّ حديث عبادة - رضي الله عنه - ورد ابتداء من غير سبب؛ وأما الآية فإنها نزلت على سبب خاص، وعموم النص الوارد ابتداء من غير سبب، أقوى وأولى بالتقديم من عموم النص الوارد على سبب خاص. (٢)

٢ - أنَّ تخصيص أحد الدليلين بالآخر، أولى من تخصيصهما معاً.

٣ - أنَّ قصر بعض أفراد العام على سببه، أولى من قصر جميع أفراده على سبب النزول؛ إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

٤ - ومما يؤكد أنَّ الوعيد في الآية لغير المسلمين: ورود لفظ "الخزي" فيها، وهذا اللفظ الأغلب وروده في القرآن الكريم في حق الكفار. (٣)


(١) تفسير ابن كثير (٢/ ٥٠).
(٢) انظر: شرح الكوكب المنير، للفتوحي، ص (٦٥٥).
(٣) ورد لفظ "الخزي" في القرآن الكريم في مواضع كثيرة، والسياق في أغلب المواضع يدل على خصوصه بالكفار، ومن هذه المواضع:
قوله تعالى: (ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٨٥)) [البقرة: ٨٥]، وقوله تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١١٤)) [البقرة: ١١٤]، وهذه الآية نزلت في النصارى، كانوا يطرحون الأذى في بيت المقدس ويمنعون الناس أنْ يصلوا فيه، وقيل: نزلت في المشركين الذين حالوا بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية وبين أنْ يدخل مكة. انظر: تفسير ابن كثير (١/ ١٦١).
ومن الآيات قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ =

<<  <   >  >>