للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السماء السابعة، أو فوق السماء السابعة، والمرفوع أولى من الموقوف». اهـ (١)

[المبحث الخامس: الترجيح]

الذي يَظْهُرُ صَوَابُه - والله تعالى أعلم - هو مسلك الجمع بين الأحاديث، إذ يُحمل حديث عبد الله بن مسعود: على أنَّ أصل السدرة في السماء السادسة، ويُحمل حديث مالك بن صعصعة، وأنس: على أنَّ فروعها وأغصانها في السماء السابعة.

يدل على هذا الاختيار:

١ - أنه قد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يؤيد هذا الجمع؛ فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - في قوله تعالى: (عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (١٤)) - أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «رُفِعَتْ لِي سِدْرَةٌ مُنْتَهَاهَا فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ». (٢) (٣)

فقوله: «مُنْتَهَاهَا فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ» يُفْهَمُ منه أنَّ أصلها ليس في السابعة، ولما جاء في حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - أنها في السادسة، علمنا أنَّ مراد الأحاديث أنَّ أصلها في السادسة ومنتهاها في السابعة.

٢ - أنَّ الترجيح لا يُصار إليه إلا إذا تعذر الجمع، أو تَبَيَّنَ بجلاء ضعف الروايةِ المرجوحة، أو وقوع الخطأ فيها، وهذا كله مفقود في مسألتنا هذه؛ إذ الجمع ممكن، والروايات كلها صحيحة.


(١) فتح الباري، لابن رجب (٢/ ١١٨).
(٢) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (٣/ ٢٥١)، عن معمر، عن قتادة، عن أنس، به. مرفوعاً.
ومن طريق عبد الرزاق، أخرجه النسائي في السنن الكبرى (٦/ ٤٧١)، والحاكم في المستدرك (١/ ١٥٤)، وقال: «صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة، وله شاهد غريب من حديث شعبة، عن قتادة، عن أنس. صحيح الإسناد ولم يخرجاه». اهـ
وأخرجه ابن جرير في تفسيره (١١/ ٥١٧)، قال: حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، فذكره مرسلاً. وصحح إسناده مرسلاً: الألباني في الإسراء والمعراج، ص (٨٩).
(٣) انظر: الإسراء والمعراج، للألباني، ص (٨٩).

<<  <   >  >>