للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث: بيان وجه التعارض بين الآية والحديث]

لم يستشكل أحد من العلماء الحديث بروايتيه الأولى والثانية، وإنما استشكلوا الحديث بروايته الثالثة، التي أفادت معنىً زائداً في الحديث، وهو مضاعفة العذاب على اليهود والنصارى بسبب تحميلهم ذنوب المسلمين، وهذا المعنى يُوهِم معارضة الآية الكريمة، التي فيها أَنَّ أحداً لا يُعذَّب بوِزْرِ غيره. (١)


= أبو طلحة الراسبي، عن غيلان بن جرير، عن أبي بردة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال فيغفرها الله لهم ويضعها على اليهود والنصارى". فيما أحسب أنا. قال أبو روح: لا أدري ممن الشك. قال أبو بردة: فحدثت به عمر بن عبد العزيز فقال: أبوك حدثك هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ قلت: نعم". اهـ من صحيح مسلم.
قلت: الحديث بهذا اللفظ منكر وشاذ، كما قال الألباني في السلسلة الضعيفة (٣/ ٤٨١)
و (١١/ ٤٠١)، وغيلان بن جرير ثقة من رواة الصحيحين؛ إلا أَنَّ الآفة من شداد أبي طلحة الراسبي، فقد تفرد بهذا اللفظ المنكر، وخالف غيره من الرواة، وقد أشار إلى تفرده: الحافظُ البيهقي في شعب الإيمان (١/ ٣٤٢) حيث قال: "وأما حديث شداد أبي طلحة الراسبي، عن غيلان بن جرير، عن أبي بردة بن أبي موسى، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب مثل الجبال يغفرها الله لهم ويضعها على اليهود والنصارى" ـ فيما أحسب أنا ـ قاله بعض رواته، فهذا حديث شك فيه راويه، وشداد أبو طلحة ممن تكلم أهل العلم بالحديث فيه، وإن كان مسلم بن الحجاج استشهد به في كتابه، فليس هو ممن يقبل منه ما يخالف فيه، والذين خالفوه في لفظ الحديث عدد، وهو واحد، وكل واحد ممن خالفه أحفظ منه، فلا معنى للاشتغال بتأويل ما رواه مع خلاف ظاهر ما رواه الأصول الصحيحة الممهدة في (أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (٣٨)) [النجم: ٣٨] والله أعلم". اهـ
النتيجة: انظر: مبحث الترجيح، وقد ذكرت هناك رأيي في الحكم على الحديث، وبيان المحفوظ منه.
(١) انظر حكاية التعارض في الكتب الآتية: شعب الإيمان، للبيهقي (١/ ٣٤٢)، وإكمال المعلم بفوائد مسلم، للقاضي عياض (٨/ ٢٧٢)، وكشف المشكل من حديث =

<<  <   >  >>