للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصحيحة بالنهي عن ذلك، وإذا عرفتَ هذا علمتَ أنه لا تعارض بين القرآن والسنة بوجه من الوجوه، فالقرآن فيه الإخبار من الله بأنه فضل بعض أنبيائه على بعض، والسنة فيها النهي لعباده أنْ يفضلوا بين أنبيائه". اهـ (١)

المسلك الثاني: مسلك الترجيح:

حيث ذهب بعض العلماء إلى أنَّ النهي الوارد في الأحاديث كان قبل نزول الآيات، وقبل أنْ يعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سيد ولد آدم، فلما نزل القرآن نسخ المنع من التفضيل.

وهذا المسلك قال به ابن حزم، والمازري، والسيوطي، (٢)

وذكره عدد من العلماء. (٣)

[المبحث الخامس: الترجيح]

الذي يَظْهُرُ صَوَابُه ـ والله تعالى أعلم ـ هو مسلك الجمع بين الآيات والأحاديث، وأحسن ما يُجمع به: أنْ يُحمل النهي الوارد في الأحاديث على ما إذا كان التفضيل بمجرد الرأي والهوى؛ فإنَّ ذلك هو المحذور؛ فلا يَحِلُّ لنا تفضيل نبيٍّ على غيره إلا بدليل.

كما أنه يتأكد المنع إذا كان التفضيل يؤدي إلى المخاصمة والمشاجرة، كما دلَّ على ذلك حديث أبي هريرة وأبي سعيد المتقدمين (٤)، فإنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ذلك حينما وقعت الخصومة.


(١) فتح القدير، للشوكاني (١/ ٤٠٧).
(٢) انظر على الترتيب: الدرة فيما يجب اعتقاده، لابن حزم، ص (٢٢٤)، والمعلم بفوائد مسلم، للمازري (٣/ ١٣٤)، ومعترك الأقران في إعجاز القرآن، للسيوطي (٣/ ٢٦).
(٣) انظر: تفسير القرطبي (٣/ ١٧٠)، وصحيح مسلم بشرح النووي (١٥/ ٥٥)، وتفسير ابن كثير
(١/ ٣١١)، وفتح الباري، لابن حجر (٦/ ٥٢١)، وفتح القدير، للشوكاني (١/ ٤٠٧).
(٤) سبق تخريجهما في أول المسألة.

<<  <   >  >>