للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِنَخْلِكُمْ؟ قَالُوا: قُلْتَ كَذَا وَكَذَا. قَالَ: أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ". (١)

[المبحث الثالث: بيان وجه التعارض بين الآية والحديث]

ظاهِرُ الآيةِ الكريمةِ أَنَّ كل ما يقوله النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو وحي من الله تعالى، وأما الحديث فيُوهِمُ خلاف هذا الظاهر؛ إذ فيه أَنَّ ما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - في قضية تأبير النخل إنما كان عن اجتهاد منه - صلى الله عليه وسلم -، بدليل تراجعه عن رأيه هذا لما تبين له خِلافُه. (٢)

[المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الآية والحديث]

أجمع المسلمون قاطبة على أَنَّ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ولاسيما خاتمهم محمد - صلى الله عليه وسلم - معصومون من الخطأ فيما يبلغونه عن الله عز وجل من أحكام، كما قال عز وجل: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤))، فنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - معصوم في كل ما يبلغه عن الله تعالى من الشرائع، قولاً، وعملاً، وتقريراً. (٣)

واتفق العلماء على جواز الاجتهاد للنبي - صلى الله عليه وسلم - في أمور الدنيا. (٤)

واختلفوا في جواز الاجتهاد له في أمور الدين على مذهبين:

الأول: الجواز، وعلى هذا المذهب عامة أهل الأصول، وهو مذهب مالك، والشافعي، وأحمد، وعامة أهل الحديث.

المذهب الثاني: المنع، وهو مذهب الأشعرية، وأكثر المعتزلة،


(١) أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب الفضائل، حديث (٢٣٦٣).
(٢) انظر حكاية التعارض في: أضواء البيان، للشنقيطي (١٠/ ٢٧٧).
(٣) انظر: الشفا بتعريف حقوق المصطفى، للقاضي عياض (٢/ ٧٨)، ومجموع فتاوى ابن باز (٦/ ٢٩١).
(٤) حكى الاتفاق البخاري في "كشف الأسرار" (٣/ ٢٠٥).

<<  <   >  >>