للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الآيات والحديث]

لم يتجاوز العلماء في هذه المسألة مسلك الجمع بين الآيات والحديث، وقد اختلفوا في الجمع على أربعة مذاهب:

الأول: مذهب إثبات السماع مطلقاً للأموات، وتأويل الآيات التي فيها نفي السماع.

وهذا مذهب الجمهور من العلماء (١)، حيث ذهبوا إلى إجراء الأحاديث التي فيها إثبات السماع على ظاهرها وعمومها، وقالوا: إنَّ الميت بعد موته يسمع كلام الأحياء ويشعر بهم.

وهو اختيار جمع من المحققين، كابن حزم، والقاضي عياض، والنووي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، والحافظ ابن كثير. (٢)

واختلف أصحاب هذا المذهب في الجواب عن الآيات - التي فيها نفي السماع - على أقوال:

الأول: أنَّ الموتى في الآيات المراد بهم الأحياء من الكفار، والمعنى: إنك لا تُسْمِع الكفار الذين أمات الله قلوبهم إسماع هدىً وانتفاع، "وشُبِّهُوا بالموتى وهم أحياء صحاح الحواس؛ لأنهم إذا سمعوا ما يُتلى عليهم من آيات الله، فكانوا أقماع القول، لا تعيه آذانهم، وكان سماعهم كلا سماع، كانت حالهم - لانتفاء جدوى السماع - كحال الموتى الذين فقدوا مصحح السماع". (٣)


(١) نسبه للجمهور: ابن جرير الطبري، في تهذيب الآثار (٢/ ٤٩١)، وابن رجب، في أهوال القبور، ص (١٣٣)، والعيني، في عمدة القاري (٨/ ٢٠٢).
(٢) انظر على الترتيب: الفصل في الملل والأهواء والنحل، لابن حزم (٢/ ٣٧٣)، وإكمال المعلم بفوائد مسلم، للقاضي عياض (٨/ ٤٠٥)، وصحيح مسلم بشرح النووي (١٧/ ٢٩٩)، ومجموع الفتاوى، لابن تيمية (٤/ ٢٧٣، ٢٩٨)، (٢٤/ ١٧٢، ٢٩٧، ٣٦٤، ٣٨٠)، والروح، لابن القيم، ص (١٤١)، وتفسير ابن كثير (٣/ ٤٤٧).
(٣) انظر: الكشاف، للزمخشري (٣/ ٣٧٠).

<<  <   >  >>